مقالات

حقائق غائبة عن عقول بعض المجتمع..

كتب : محمد عبد الله سيد الجعفرى
انا اكتب عن حقائق وا عن تفاصيل فنية رائعة فى التطور و مستقبل مشرق ، لا يلتفت إليها عامة الناس عادة وهى ، تراكمت وردود الأفعال لحوار الرئيس عبد الفتاح السيسى فى برنامج تليفزيونى سابقا ، وأعادت إليه الشعبية الطاغية التى كان يتمتع بها وقت اصطفافه مع شعبه فى 30 يونيو 2013 لدفع كابوس الجماعة عن سماء الوطن، وقد بدا الرئيس بسيطا عفويا صريحا أقرب إلى صديق يتحدث مع أهله وناسه حديثا خاصا عن أحواله وأحوالهم.ثمة فارق هائل بين أن يتحدث الرئيس إلى الشعب وهم يستمعون إليه، أو يتحدث مع الشعب وهم يسألونه ويفصحون له عن مكنون صدورهم وما يرد على خواطرهم، وقد تكون هذه أول مرة يتابع المصريون فيها ملامح رئيسهم، وهم يشكون له همومهم اليومية، وما يعملون له حسابا، وما ينتظرونه منه مستقبلا..وأيضا وهم يصارحونه بالصورة التى يرونه عليها بلا رتوش ولا تزويق.الكلام عن مهارة ساندرا نشأت وموهبتها سيكون معادا ومكررا، لكن براعتها هذه المرة تكمن فى »إنسانية« حوارها »شعب ورئيس«، لم تكن مهتمة بالتساؤلات الفخيمة التى تدير الرؤوس المتعلقة بتجارب الغرب المتقدم، ولا التحليق فى سماوات بعيدة عن واقع الناس، بقدر حرصها الشديد على كشف وجه الإنسان فى الشعب والرئيس..ففتحت بابا من الأمل والحلم، خاصة أن الرئيس أشاع كالعادة مناخا من التفاؤل بمستقبل مصر وأيام المصريين المقبلة. وقد حاز الحوار على اهتمام الناس جميعا، بدرجة قد تفوق اهتمامهم بمباريات الفريق القومى فى استعداده لكأس العالم، وأزمة عبد الله السعيد وتصريحات مرتضى منصور الساخنة! وفعلا المصريون فى حاجة إلى كثير من الحلم والأمل مصحوبا بأعمال على أرض الواقع..وقدم لهم الرئيس هذا الحلم وصدقوه وانحازوا له.قد يختلف نسبيا موقف القطاعات الأعلى تعليما فى المجتمع، بحكم تعقد حساباتها وتنوعها واتساع مداراتها ما بين الثقافة والسياسة، الأمن والحريّة، الاقتصاد والتعليم، الحلول والأزمات، لكنه ليس اختلافا يصل إلى حد الشقاق فى الرؤية، بقدر ما هو ترتيب أولويات وأدوات تنفيذها.بالطبع لا يمكن أن ننكر أننا نعيش أحوالا أفضل مما كنا عليه قبل أربع سنوات، دولة أكثر تماسكا: أمنيا وسياسيا ومجتمعيا، وإن زادت معاناة الناس المعيشية، بسبب تهافت قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية فى دولة تستورد أضعاف ما تصدر، فتدفع أسعارا كبيرة، سواء فى المواد الخام أو نصف المصنعة أو السلع تامة الصنع..والتضخم بطبعه كتلة صماء واحدة، لا يمكن أن يتحرك أى جزء فيها دون أن تتحرك بقية أجزاء الكتلة.وقطعا ثمة عمل وجهد ونشاط فى كل أرض مصر، مشروعات كثيرة تحدث الرئيس عن بعضها، لكن مردود هذه الأعمال لن يظهر بين يوم وليلة ولا شهر ولا شهرين، ولا سنة ولا سنتين..وشخصيا حين افتتح الرئيس مشروع حى الأسمرات وقفت مهللا مصفقا، فهذا أول عمل حقيقى كبير لإنقاذ مصر من العشوائيات، وهى سرطان خطير يزحف عليها بقسوة من منتصف السبعينيات، والعشوائيات ليست مبانى ولا حارات ضيقة ولا حرمانا من الخدمات ولا أماكن مخنوقة ولا عائلات محبوسة فى حجرة واحدة، وإنما سلوكيات تضرب فى المجتمع كله، حالة مجتمعية هى التى تحاصرنا الآن، فى الشوارع والميادين، من صبيان التوك توك وسائقى الميكروباص وبلطجية «المواقف» ولغة الانحطاط العامة التى تسللت حتى إلى الطبقات الأعلي.وعوائد حل أزمة العشوائيات عوائد مستقبلية وأبدية..لن نرى مردودها فورا، ربما فى تخفيض طفيف فى نسبة الجريمة مثل السرقة والنشل. وهو نفس الحال مع مشروعات محور قناة السويس والمدن الجديدة والطرق والكبارى واستصلاح الأراضى الصحراوية.وللأسف لا يعرف العالم ولم يعرف طول تاريخه حلولا سحرية لأزمات طاحنة فى سنة أو سنتين من ألمانيا إلى اليابان، وأتصور أن «الهدم الذى حدث فى مصر» لا يقل عما أحدثته الحرب العالمية الثانية فى هاتين الدولتين، مع فارق مهم أنهما كانا يملكان بنية علمية ومعرفية وإدارية وثقافية واسعة مكنتهما من العودة السريعة إلى ضفة التقدم، ونحن لا نملك هذه البنية، لأننا لم نصنعها فى أى فترة، إذ كانت هذه البنية ضيقة وكانت تتراوح ما بين 15 و 20 فى المئة من المجتمع، وهى غير كافية لانتشالنا من عثراتنا فى زمن معقول.. ولهذا طلب الرئيس بعض الصبر من مواطنيه.. وربما الكثير منه.لكن أيضا الناس ـ كما قالوا ـ غير قادرين على تحمل الأسعار الجهنمية التى أنهكت حياتهم اليومية إنهاكا يهدد مستوى معيشتها بالهبوط، وإذا كان الرئيس قد قال إن المصريين يدفعون سعرا أقل من التكاليف فى الكهرباء والماء والغاز، فهم يتقاضون أيضا سعرا أقل فى ساعات العمل، فكيف يدفعون سعرا عالميا وهم يتقاضون مرتبات محلية؟وإذا كانت شركات الكهرباء مثلا تخسر 50 مليار جنيه «كهرباء مسروقة» فهذا ليس ذنب الناس، وإنما ذنب النظام؟، وأتصور أننا ننتج كثيرا من السلع بتكاليف أعلى من نظائرها فى الصين والهند وبنجلاديش وفيتنام.وقطعا المشروعات مهمة وضرورية، والرئيس رجل مخلص ويعمل بمنتهى الجدية فى ظروف فى غاية الصعوبة، لكن من المهم جدا «إصلاح النظام العام» الذى تقام فيه هذه المشروعات، حتى نضمن دوامها بنفس الكفاءة التى أنشأناها عليها، فالمؤسسة العسكرية لن تستطيع أن تديرها، والبديل نظام مدنى كفء له معايير وصرامة النظام العسكري، وهذا ممكن وليس مستحيلا، بشرط أن يكون نظاما يخلو من الامتيازات والاستثناءات والمحسوبية، ليتيح بسهولة تطوير مؤسسات الدول كالشرطة والقضاء والبرلمان والتعليم والصحة والإعلام والقطاع العام، والحفاظ عليها مهما حاول «أهل الشر» النيل منها.إصلاح النظام العام هو «آلة الرفع» الصحيحة الدائمة، والنظام هو أداة لإدارة الموارد والبشر،

زر الذهاب إلى الأعلى