مقالات

“غادة محفوظ ” ..تكتب : الكابتن غزالي “ابن الأرض” يعود إلى أمه

كم أنت عجيب أيها الموت ، حينما تختار الأوفياء الذين أتوا إلى الحياة وغادروها وهم يرتدون ثوب النقاء والوفاء والإخلاص في زمن شحت وندرت فيه تلك المعاني بل واندثرت فيه كثير من قيم مجتمع كان يلقب ذات يوم بمجتمع المدينة الفاضلة . منذ ساعات قلائل غادر دنيانا واحد من هؤلاء الذين كتبوا بحروف من نور تاريخ مدينة السويس ، ولم لا ؟ وقد كان – رحمه الله – شاهد عيان على ما شهدته المدينة الباسلة خلال فترة نكسة يونيو مرورا بحرب الإستنزاف وانتهاء بنصر أكتوبر المجيد . إنه الكابتن غزالي رائد المقاومة الشعبية ومؤسس فرقة أولاد الأرض والذي أثرى الحركة الثقافية بالسويس بموروث سيظل نموذجا لقصص الكفاح والنضال التي كتبت في أعظم صفحات التاريخ المصري . لم تمر أيام قليلة على وفاة شريكة حياته ورفيقة دربه وكفاحه إلا وأبى أن يظل في هذه الحياة دون زوجته .. هذا السند الذي كان يوما ما بمثابة النسيم العبق الذي يستنشقه المناضل بعد أن امتلأت أنفه برائحة الرصاص والبارود . كانت كلمات الأغاني التى يؤلفها الكابتن غزالي أفضل مثير ليس لحماس الجنود فحسب وإنما للمصريين جميعا فمن ينسى “فات الكتير يا بلدنا” و” غني يا سمسمية” و “بينا يلا بينا” وغيرها من عشرات القصائد والأغاني التى كانت خير معبر عن واقع أليم شهده المصريون تحول لنصر مؤزر بعد سنوات النضال والكفاح . كان رحمه الله محبوبا من الجميع ، وأبدا لن ينسى له محبوه روحه الفكاهية التى اتسم بها على مدار حياته والتى كانت تمثل له أزهارا جميلة يستنشق عبيرها ليكمل مسيرته وسط أشواك الحياة . وداعا كابتن غزالي .. ولينعم السوايسة بهذا الميراث الثقافي الذي تركته لأبناءك وأحفادك . لتظل كلماتك الحماسية تدوي في أذن أبناء الغريب حتى تكون خير معين لهم أمام الصعاب والشدائد . لترقد أيها البطل في سلام ، ولتنفض عنك غبار الدنيا لتذهب إلى رب رحيم كريم سيجازيك بكرمه – إن شاء الله – على ما قدمته للوطن . لتذهب إلى استراحتك الأخيرة ، ولتكن مطمئنا بأن أبناءك وأحفادك من السوايسة سائرون على نهجك محافظون على تراثك ، رافعون شعارك “احنا ولادك يا مصر وعنيكي السهرانين”. لتنم قرير العين مطمئن السريرة ، وليترحم عليك كل أبناء السويس بل وكل أبناء مصر وليسأل الجميع ربه أن يخلف عليهم خيرا في رجل قلما أن يجود الزمان بمثله .

 

 
 

زر الذهاب إلى الأعلى