أسلامياتمقالات

** فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان**

عبدالرحمن عويس 
في عهد عمر رضي الله عنه أقبل رجل من العراق وهذا الرجل كان تخصصه طرح شبهات
لم يذهب ويجلس في مجلس أحد أئمة العلم ويطلب العلم إنما كان يبحث في القرآن عن شبهات ويطرحها للناس فأقبل ودخل إلى المدينة وهو يعرف أين موضع عمر وأين موضع عثمان وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ويعرف أن يتوجه إليهم ويسألهم لكنه لم يفعل
مضى إلى مجالس الناس ونواديهم وأقبل يقف على كل مجموعة منهم ليس بالمساجد بل في الأسواق
وهؤلاء الناس من العامة الذين ربما إن تطلب منهم أن يقرأوا سورة قصيرة لأخطأوا فيها ولا يعرفون إلا ما يقيمون به صلاتهم
وهذا الرجل يقف عند هذه المجموعات وهم يتحدثون في أمور دنياهم فلما وقف إليهم قال لهم : عندي مسألة
فسألوه ما عندك : قال إن الله يقول في القرآن ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) ويقول في القرآن ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) هل الله يسألنا أم لا يسألنا ؟
فجعل الناس يضطربون ، فعلا قرآن متناقض هل يسألنا أم لا يسألنا ، ثم يترك الناس في حيرتهم ويذهب إلى مجموعة أخرى ويطرح عليهم سؤالا مثله أو قريب منه ، حتى بدأ الناس يتشككون في القرآن
فوصل خبره إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فدعاه عمر وجيئ إليه وهو ( صبيغ بن عسل ) قال له عمر ما عندك ؟
قال : عندي مسائل ، فقال له عمر هات مسائلك
قال صبيغ : إن الله يقول ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان )ويقول ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) أخبرنا يا عمر هل الله يسألنا أم لا يسألنا ؟
فقال له عمر : إن يوم القيامة يوم طويل ، ففي موطن يعنف الناس ويقال لأحدهم سرقت ، زنيت ، عققت ولا يطلب منه أن يجيب على هذه الأسئلة لأنها ثابتة عليه وفي موطن تعرض عليهم صحفهم ويسأل ويقال له : لماذا زنيت ؟ لماذا سرقت ؟ لماذا فعلت ؟
فهو في مواطن يعنف ليعرف جلالة شره و فجوره وفي موطن أخرى يحاسب ، هل فهمت ؟ قال صبيغ نعم
قال عمر فما عندك من مسائل ، فجعل يطرح شبهة تلو شبهة وعمر يجيب عنها ، فلما انتهى سأله عمر هل انتهت مسائلك ؟ فقال له لم يبقى شيء
فسأله عمر لماذا لم تأتي إلي عندما كان عندك مسائل؟
ولماذا لم تذهب إلى عثمان وعلي وابو هريرة وفلان وفلان ؟
لماذا ذهبت إلى الأسواق وعامة الناس وجهالهم وجعلت تشككهم في القرآن ؟ لماذا ؟
فسكت صبيغ ولم يجب فقال عمر اجلدوه ، فجلدوا ظهره ثم قال اكشفوا عمامته ومل بالعصا على رأسه (أي اضربه ضربا خفيفا ) فضربوا رأسه ضربات بسيطة ، ثم قال له عمر : هل بقي برأسك شيئ ؟ قال لا والله يا أمير المؤمنين ما بقي في رأسي شيئ قال اذهب إلى العراق ووالله إن بلغني عنك شيئ لأقطعن رأسك ، فذهب الرجل ولما انتهت سنوات عمر رضي الله عنه ثم تولى عثمان رضي الله عنه ومضى له سنوات في الخلافة ثم قام عليه من قام من الخوارج وأوباش الناس
أرسل بعضهم إلى صبيغ ليأتي فجاء صبيغ وقال ما عندكم ؟ قالوا له : إن الذي كان يضربك عليه عمر ، اليوم له قيادة ، تعال ادخل معنا فنحن أهل الشبهة
فحك ظهره وقال : أما أنا فقد أدبني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فوالله لا أدخل معكم في شبهة بعد ذلك
كانوا الصحابة حريصين على أن يحموا الناس من الشبهات .

مقالات ذات صلة
زر الذهاب إلى الأعلى