مقالات

** الإنسان والأرض ** ..يكتبه / عاطف عبد الوهاب

** الإنسان والأرض ** يكتبه / عاطف عبد الوهاب

الارض تعشق الحرية ، والناس الاحرار يعشقون الارض ، ويدفعون حياتهم دفاعا عنها ، وما من ارض الا وانجبت احرارا يفتدونها بمهج الارواح ، ويبذلون في سبيلها الغالي والثمين من الا نفس والمال والبنين ، فامنا الارض ، منها ولدنا واليها نؤوب ، ولاننا قطعة منها وهي ذاتنا وحياتنا ، فان حياتنا بدونها كأوطان لن تكون ذات معنى ، لان الانسان لا يكون انسانا اذا جرد من ارضه ووطنه ، ومن لا وطن له لاحياة له . هذه العلاقة ما بين الانسان والارض كما هي العلاقة بين الانسان وامه ، لا يمكن في اي ظرف ان تفصل بينهما ، فليس هناك انسان بدون ام وليس هناك مواطن بلا وطن ، وان تجرد الانسان من انسانيته واعتدى على امومته ، وتنكر لهذه العلاقة الانسانية النبيلة ، فقد خرج من دائرته الانسانية فاصبح في ثقافتنا ولغتنا وقيمنا وديننا ولد عاق ، وكذلك الانسان الذي يتنكر للانتماء لوطنه ، ويسعى جاهدا لاحلال مصالحه الفردية على حساب مصالح الوطن ، فهو انسان يحظى بلقب الخيانة . الارض كما هي الاوطان تلفظ من يخونها ولا توفر له المأمن الذي يحتاج اليه ، والاوطان لا تقبل الخيانة والخونة ، حتى لو كانوا ممن يدعون الانتساب اليها ، لان الخونة هم اعداء الارض والوطن والناس ، لانهم قد اختزلوا الوطن بمنافع مادية او معنوية لصالح الاعداء الذين ينهشون الارض والانسان الى جانب الخيرات والثمرات . للاوطان علاقة خاصة بالمواطنين ولا يجوز ان تتم عملية الانتساب ما بين الانسان والوطن زورا وبهتانا ، لان الانتساب الى الاوطان لابد وان يكون في ضوء الالتزام بالعلاقة الحميمية مابين الوطن وانسانه ، ان لا يقدم الانسان على خيانة وطنه الذي ينتسب اليه ، واذا اقدم على فعل الخيانة فلا تصح العلاقة ، لان هناك خلل ما اما في الانسان او في الوطن ، ولان الوطن لا يمكن ان تعزى او تنسب اليه اية شائبة في علاقاته مع ناسه ، فان الخلل يكمن في الانسان ذاته ، لان الوطن لا يمكن ان تتم معاقبته على فعل تقصير بحق ناسه ، ايا كان هذا التقصير ، لتبرير فعل الخيانة ، فمن يبرر فعل الخيانة بسبب نقص في العلاقة بين الحاكم والمواطن هو مختل في عقله وتفكيره ، لان الوطن لا تتم معاقبته ببيعه الى الاعداء من اجل منافع فردية ، لان الوطن ليس ملكا لهذا الفرد او ذاك ، ولا هوملك لمجموع افراده ، لان ابناء المستقبل يملكون حصتهم فيه التي لا تقبل التصرف فيها من اي جهة ولاي جهة للعراق في هذا الظرف بالذات مذاق خاص بعد الغزو ، وان كان مذاقا مرا ، تكشفت فيه مجموعات من الخونة الذين يسعون لتبرير خياناتهم بشتى الطرق والوسائل ، ينعقون دائما انهم ضحية النظام السياسي ، مما يعني ان ممارساتهم الخيانية لها ما يبررها ، وهم الذين تحولوا الى كلاب ضائعة على موائد حلفائهم واصدقائهم ، وكان حري بهم لو كانوا صادقين في الانتساب الى الوطن ان لا يبيعوه بابخس الاثمان ، حتى لو كانت مصالحهم الفردية او الطائفية قد اصابها كل ما يدعون ، لان الخيانة لا مبرر لها ، ومن يقدم على فعل الخيانة لا حجة له ، وليس له قضية يدعي انه صاحبها . الاوطان لا تحمي خونتها وكما يقول البعض ان الارض لا تقبل خونتها ابدا ، فلو كان هؤلاء الخونة ممن يهمهم الوطن ، وكانت الارض عزيزة عليهم لما استباحوها ، وجعلوا عرض الوطن مباحا للاعداء ، وهم الذين قد وضعوا من انفسهم اصحاب النخاسة والتسويق للعهر الخياني ، الذي اراد ان يجعل من الوطن سلعة رخيصة لصالح اعدائه . الذين وقفوا على ابواب العهر السياسي والاخلاقي ، وجعلوا من انفسهم حراسا لاستباحة الاعداء لعرض اوطانهم ، لا يستحقون الانتساب لهذه الاوطان ، التي باعوها في سوق العهر الدولي ، ولانهم لا يملكون حق هذا الانتساب ، فان الوطن سيلفظهم ، وقد لفظهم في اللحظة الاولى ، التي ارادوا فيها ممارسة عهرهم الخياني . كان الوطن واقفا على قدميه ، وبدأ ابناؤه الابطال ينهشون جسد الغازي ، وامتدت ايدي الابطال لهؤلاء الصغار من الخونة ، لتجعل منهم امثولة لمصير كل الخونة والعملاء والجواسيس ، فضاقت الدنيا في وجوههم ، واخذت الارض تنظر اليهم بشزر ، وهي تعدهم بمصيرهم المحتوم ، فلم يجدوا ارضا تسعهم ولا مأوى لهم ، لان الاوطان تلفظ خونتها ، ولا تسعد بسير اقدامهم على اديم ارضها. انظروا لخونة الاوطان اين يختبؤون ؟ ، في احضان المرتزقة الذين جاءوا بهم لقتل العراق ، العهر الذي مارسوه في حق الوطن يزيدهم عهرا ، بان يتنازلوا عن كرامة الانسان ، فهم يتدثرون بالاحتلال ، وهم الذين كانوا يبررون خياناتهم ، ان النظام قد ظلمهم ، فلو كانوا صادقين ، اما كان حري بهم ان يجدوا ملاذا لهم في داخل الوطن ، اما كان حري بهم ان يجدوا حماية لهم وتأييدا من الوطن وناسه ، الذين تشدقوا بالحديث باسمه ، اما كان حري بهم ان يجدوا من يقف الى جانبهم ، وهم الذين يدعون انهم جاءوا بالحرية والديمقراطية المفقودة لهذا الوطن ، اما كان حري بهم ان يجدوا بديلا عن ورق التوت ليغطوا عوراتهم النجسة عندما تجرأوا على الوطن وناسه . نعم والف نعم ، ان الارض لا تقبل بخونتها ، ونعن الف نعم ، ان الاوطان تلفظ خونتها ، وان الارض تقذف بحممها مزمجرة في وجه كل الخونة والعملاء والجواسيس ، وان هؤلاء لا ملاذ لهم الا في الحفر وتحت التراب ، او ان يسرعوا في الهرولة بعيدا عن وجه الوطن ، قبل ان تصل الايدي الى الفتك بهم ، ليعيشوا على قارعات التسول والذل والمهانة خارج اسوار الوطن . الانسان الطيب ملح الارض ، والمناضل دفاعا عن الارض والعرض والوطن هو ابن الارض وابن الوطن ، ومن فاز بابوة الاوطان وحب الارض فاز بالدنيا والاخرة ، اما اولئك الخونة الذين يبيعون الارض والعرض والوطن ، فهم عار الارض والاوطان ، وقمامة الارض والانسان ، وهم قمامات بشرية تدب على الارض ، لا ينفع معها الا كنسها ، حتى تتخلص الارض من قاذوراتها ، وان نضالات الشعوب وحريات الاوطان ، كفيلة بازالة هذا الوسخ البشري المتعفن في النفوس البشرية المريضة .

زر الذهاب إلى الأعلى