مقالات

حرية الإبداع بين الإيجازوالتجاوز.. بقلم / تامر حامد

بقلم / تامر حامد
الكثير من المصريون يعيشون حالة من الفوضى بداعى الحرية .. فتباً لها حرية ، أى حريةٍ هذه
التى تُبيح كل شئ وأى شئ و فى أى وقت، دون ضابطٍ يحكم الأفعال و الإنفعالات حتى الآراء
و التوجهات .
لقد نادى الكثيرون بحرية الرأى و الإبداع و الإعتقاد و أنا وبكل تأكيد أؤيد تلك المناداه ،
و لكن لابد من وضع الضوابط التى تحكم هذه الحريات كى لاينفلت منا العِقد و يتناثر ،
فمن ضمن الإستغلال الضيق و السئ لمفهوم الحرية ما أبتُلينا به بزماننا الآن ،
و هى الموسيقى الجديدة المسماه بموسيقى المهرجانات، التى نرى صداها كثيراً بالأحياء الشعبية
و بين سائقى الميكروباص و التوك توك .
لكن العجب كل العجب حينما نسمع كلمات بعضٍ من هذه الأغانى، فنجد أنها مليئة بالإيجاءات
الجنسية و الكلمات البذيئة و السُباب و الشتائم تحت مسمى الفن .
لحظة صمت مع النفس ممزوجة بلحظة من التفكير و التدبر ، و الآن يأتى السؤال .. أين الإبداع
فى هذا التحريض البيين على البذائة ؟! ، هل بهذا التجاوز إبداع ؟! ، أم دعوة صريحة للرذيلة
و الإنحلال ؟! .
أين الحرية بكلماتٍ فجة تصم آذاننا بالقيح ، فالمقولة الأشهر هى أن الحرية تنتهى عند حدود
الآخريين ، و لكن بين طيات هذا الأمر فقد تخطى أصحاب هذه الموسيقى الرديئة والكلمات الفجه
حريتهم و حرية الآخرين .
أما السؤال الأهم هنا لكل من يهمه الأمر ولكل من يعنيه حال الفن الراقى ، أين الرقابة على
المصنفات الفنية و أين نقابة الموسيقيين؟ و هم منوطون بالمشاركة بالدفاع عن قيمة مصر
الفنية و الثقافية ؟ ، و لكننى سأوجه حديثى إلى أصحاب الفن الراقى و هم كُثر بالوسط الفنى ،
لابد وأن تُشكَل جبهة لمجابهة مثل هذا التعدى الصارخ على الإبداع والحرية بداعى الحرية .
اما إذا استسلم الجميع لهؤلاء المرتزقة ، الذين تسللوا إلى ساحة الفن و الإبداع من أبواب ضيقة ،
فوداعاً يا فن ووداعاً يا رُقى .

وبالرغم من كل ما أحمله من ضيق وآسى لمثل هذا المدعو بفن، إلا أننى أملك دائماً نظرة تفاؤلية
حيث أُقر و أعترف بأن كل ماهو ردئ مهما طالت سطوته و سطوعه ، فسيأتى اليوم ويندثر
و يضمحل ، ولكن بوقفة من الغيورين على فنهم و أبداعاتهم ، فللفن ثورةٌ أيضاً .

زر الذهاب إلى الأعلى