مقالات

معالم مصر التاريخية علي مر العصور بقلم المهندس/ طارق بدراوى  ** مدبنة بسيون **

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** مدبنة بسيون **
بسيون مدينة ومركز من مراكز محافظة الغربية الثمانية في مصر ويبلغ عدد سكان مركز بسيون حوالي 440 ألف نسمة طبقا لإحصائياتا عام 2001م وتعد بسيون من أقدم مدن محافظة الغربية وتقع على ضفة فرع نيل رشيد من الناحية الشرقية ويحدها من الشمال محافظة كفر الشيخ ومن الجنوب مركزى كفر الزيات وطنطا التابعين لمحافظة الغربية ومن الشرق مركز قطور التابع لمحافظة الغربية أيضا وكلمة بسيون كلمة هيروغليفية قديمة وتعنى الحمام وكانت في العصر الفرعوني حاضرة لعاصمة مصر في عهد الأسرة السادسة والعشرين إبان عصور الإضمحلال ومن أشهر ملوكها أبسماتيك الأول الذي طرد شراذم الفرس من مصر وكانت العاصمة مكان قرية صالحجر حاليا الواقعة في نطاق مركز بسيون وكانت تسمى فيما سبق ساو أو سايس ولكن الإسم الأقرب للحقيقة هو صاو ويطلق على عصر الأسرة السادسة والعشرين العصر الصاوى نسبة إلى صاو ولما جاء العرب نطقوها صاء ولوجود بقايا المعابد بها سميت بصاء الحجر ومن ثم خففت إلى صالحجر وكانت بسيون طريق مرور التجارة بين القاهرة والإسكندرية طوال عصور الحكم الإسلامي وكانت فيها إدارة المنطقة من منية جناج وحتى مشارف تلا وكانت كفر الزيات قرية صغيرة آنذاك تسمى قرية جريس وجاءت الأيام على بسيون عندما تم البدء في إنشاء خط السكك الحديدية القاهرة الإسكندرية في عهد عباس باشا الأول عام 1852م والذى إنتهي وتم تشغيله في عهد خليفته محمد سعيد باشا عام 1856م والذى يعبر نهر النيل عند كفر الزيات فإنتقلت الأهمية من بسيون إلي كفر الزيات وأصبحت كفر الزيات هي مركز الإدارة وصارت بسيون قرية كبيرة من توابع كفر الزيات من هذا التاريخ ……
ولم تستقل بسيون إداريا إلا على يد رجال حزب الوفد عام 1950م في عهد الملك فاروق وكان وقتها حزب الوفد هو الحزب الحاكم في البلاد في إحتفال تاريخي حضره فؤاد سراج الدين باشا وزير داخلية الوفد حينذاك وكان يوما مشهودا خرجت فيه بسيون عن بكرة أبيها إحتفالا برجال حزب الوفد الوطنيين ومن الناحية الإقتصادية فإن بسيون تعتمد على الزراعة وإن كانت قرية كتامة بدأت تتجه إلى أعمال النجارة والموبيليا حتى أنها جاءت في المركز التالي لدمياط من حيث صناعة الأثاث بها حتى أنها أطلق عليها دمياط الثانية وللأسف ونحن في القرن الواحد والعشرين ما زال المركز يعاني من العديد من المشاكل حيث يعانى من سوء شبكة الطرق به وكذلك ما زال يعانى من سوء تنظيم الأسواق والمواقف به وإنهيار شبكة المياه والصرف الصحى به شأنه في ذلك شأن الكثير من مراكز ومدن المحافظات في مصر كما لا يوجد بها رجال أعمال معروفين يأخذون علي عاتقهم قيادة منظومة تطوير المركز وتنميته حتى الآن غير رجل الأعمال نبيل فسيخ صاحب مصانع سنيوريتا للأغذية …..
ويضم مركز بسيون عدة قرى منها صالحجر وكفر جعفر وكفر سليمان وبراطو وكتامة وأبو حمر وعزبة بدر والقضابة والفرستق ومحلة اللبن وقرانشوا وميت شريف وكنيسة شبراطو والحداد وميت الخير وجناج ونجريج ومشال ومن أشهر الشخصيالات التي تنتمي إلي مركز بسيون الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر عام 1973م والذي كان له دور مؤثر في تلك الحرب شهد به أعداؤه قبل أصدقائه فهو بحق مهندس تلك الحرب وواضع خطة عبور قنلة السويس إلي شرقها والتي نفذتها قواتنا المسلحة الباسلة بكل دقة وإتقان ولذلك وصف بأنه من أمهر وأذكى العسكريين في القرن العشرين وهو من قرية شبراتنا والزعيم مصطفى كامل باشا الزعيم الوطني المعروف الذى قاد كفاح الشعب المصري ضد الإنجليز وسافر إلى فرنسا ليحرك الدول الأوروبية ووقف في وجه الإستعمار البريطانى منددا بجرائمهم في مذبحة دنشواى والذى توفى في ريعان شبابة عام 1908م عن عمر لم يناهز الخامسة والثلاثين عاما فهو رجل عمره في التاريخ طويل رغم عمره الفعلي القصير وهو من قرية كتامة والدكتور زغلول النجار العالم الجيولوجى العالمي وأيضا فهو من رجال الفكر الإسلامي المعروفين في العالم الإسلامي وهو من قرية مشال والدكتور محمد على شتا نائب أول وزير الإقتصاد عام 1974م ومن مؤسسى حزب الوفد الجديد ونائب رئيس الحزب وهو من مدينة بسيون نفسها والشيخ محمد عياد الطنطاوي والذى ولد من أبويين مصريين عام 1810م بقرية نجريج وسافر إلى القاهرة في عمر 13عام ودرس اللغة العربية والنحو والصرف والأدب والعروض في الأزهر وتوفي والده وهو في سن 18 عام مما جعله يترك إستكمال دراسته ويعمل وفضل تدريس اللغة العربية وإكتسب شهرة واسعة وأصبح فقيها في اللغة العربية وتوافد عليه الأوروبيون المقيمون في مصر ليعلمهم اللغة العربية ومن بين تلاميذه موخين والذي عمل مترجما في القنصلية الروسية في مصر عام 1835م وفي عام 1840م إختير للعمل في وزارة الخارجية الروسية ليكون معلما للغة العربية للسفراء والدبلوماسيين وبعد 7 سنوات إنتقل ليعمل في كلية اللغات الشرقية بجامعة سان بطرسبورج عاصمة روسيا في ذلك الوقت ليصبح أول معلم للغة العربية في روسيا وكانت وفاته في يوم 29 أكتوبر عام 1861م وقد نال الشيخ الطنطاوي عدة أوسمة وألقاب منها وسام القديسة وهو من أرفع الأوسمة الروسية وبلغ عدد المخطوطات التي تركها وإحتفظت بها جامعة سان بطرسبورج عدد 300 مخطوطة ما بين كتابات تخصه وأخرى إقتناها في فترة عمله في الأزهر وأطلق إسمه على قسم اللغات العربية بجامعة سان بطرسبورج في روسيا تكريما له ……
وبخصوص قرية صالحجر الأثرية بمركز بسيون فقد إنتقلت العاصمة إليها وكانت تسمي صاو والتي سميت في العصر اليوناني سايس وتعرف الآن بإسم صالحجر وبقيت صاو عاصمة القطر المصري لأول مرة تحت حكم الأسرة السادسة والعشرين وكان الملك أبسماتيك الأول هو أول فراعنة صاو وكان فرعونا عظيما لمصر حيث حررها من الآشوريين ثم أسس علاقات وطيدة مع الإغريق وشجع العديد منهم على الإستقرار في مصر وأنشأ مستوطنات لهم وشجعهم على الإنخراط في الجيش المصري ويذكر للملك أبسماتيك الأول نجاحه في السيطرة على طيبة وتحطيم آخر مظاهر سيطرة الأسرة النوبية على مصر العليا وبعد ذلك قام الملك أبسماتيك الأول بالعديد من الحملات ضد هؤلاء الحكام الإقليميين الذين عارضوا توحيده لمصر وقد ذكرت أحد إنتصاراته في مسلة من العام العاشر أو الحادى عشرمن حكمه تم العثور عليها في واحة الداخلة وقد كان لمدينة صاو في خلال الدولة الوسطى معبودة تسمى نبت صاو بمعنى سيدة صاو وكانت تلك المعبودة تمثل أحيانا في صورة أحد الآلهة المصرية القديمة والتي كان لها معبد كبير في هذه المدينة إلى جانب تلك الآلهة إتخذ المصريون القدماء في عصر الدولة الحديثة الآلهة موت كمعبودة في صاو وفي العصور المتأخرة عن ذلك أيضا إتخذوا هاتور التي تعتبر سيدة صاو …..
وجدير بالذكرأنه أعلن مؤخرا عن قرب البدء في إنشاء مشروع عالمى بقرية صالحجر سيضع محافظة الغربية عموما على خريطة السياحة العالمية ويفتح المجال لتوفير فرص العمل للخريجين الذين يحملون شهادات فى فنون الترميم ومن المقرر أن يضم المشروع مركزا دولياً لتدريب المصريين وأبناء الدول الإفريقية والعربية بهدف إعداد كوادر فنية فى الآثار بالإضافة إلى إقامة فرع لكلية الآثار جامعة القاهرة ومتحف عالمي وقاعة للمؤتمرات وفندق على أن تشارك فى المشروع جامعة القاهرة وبعض الدول المانحة والصديقة لمصر ومنظمات دولية علي رأسها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة وجامعات أجنبية مهتمة بالتراث المصرى وعلم المصريات هذا ومما يذكر أنه قد بلغ عدد سكان صالحجر في العصر الحاضر حوالي 21 ألف نسمة حسب الإحصاء الرسمي لعام 2006م .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى