مقالات

الكاتب الصحفي ربيع سالم يكتب من المملكة العربية السعودية : ¤ سد النهضة والإرادة المصرية ¤

سد النهضة والارادة المصرية .. بقلم / ربيع سالم
.
تابعت مثل غيري من المصريين مشكلة سد النهضة الأثيوبي . واحببت ان أحلل الأمر من وجهة نظر مواطن مصري مهموم بقضايا وطنه . بل أردت ان انظر للأمر نظرة موضوعية . وقد تابعت باهتمام أراء الخبراء في الدول المعنية خاصة مصر والسودان .
وسوف استعرض مواقف الدول الثلاث باختصار شديد .
.
اثيوبيا .. وهي احد اهم دول منابع النيل تقيم سدا علي نهر النيل تبتغي من وراءه اقامة محطات لتوليد الطاقة الكهربائية . وقد حاولت اثيوبيا علي مدار عقود اقامة هذا السد الا ان الرفض المصري كان قاطعا وحاسما . الا ان اثيوبيا استغلت انشغال المصريين والحكومة المصرية بأحداث ثورة يناير وشرعت في بناء السد ليكون امرا واقعا .
.
السودان .. وهي احدي دول المصب تتبني موقفا يميل الي الجانب الأثيوبي في بناء السد دون النظر الي ما ستمني به مصر من كوارث جراء بناء هذا السد . واعتبرت السودان ان بناء سد النهضة سيحقق لها مكاسب ومنافع هائلة حتي اكثر من اثيوبيا نفسها . والسودان اعتبرت ان مصالحها اهم من اي شييء . وتحاول بكل الطرق خلاف الواقع اقناع مصر ان سد النهضة لا يشكل تهديدا لمصالح مصر .
.
مصر .. وهي دولة المصب واخر دولة يصلها مياه النيل تري ان ما فعلته اثيوبيا علي حين غرة يخالف الاعراف والقوانيين الدولية المتعلقة بالسدود النهرية .. ومصر ليست ضد التنمية في اثيوبيا ولكن ليس من المنطق ان تقيم اثيوبيا سدا يجلب لها منفعة ويضر بمصر ضررا بالغا . ومصر في الحقيقة تشعر بالأسف تجاه التعنت الواضح من اثيوبيا والتي ترفض كل الحلول والضمانات التي ترغبها مصر لتأمين حصتها من المياه والاطمئنان علي سلامة السد وخطر انهياره نتاج للطبيعة الجيولوجية و ضعف التصميم الهندسي للسد .او حتي الموافقة علي تمديد سنوات الملأ لبحيرة للسد لتخفيف الاضرار الناتجة . وكذلك المشاركة المصرية في عملية التشغيل .
.
كما يأسف المصريين وبشدة من موقف السودان المخيب للأمال ذلك الموقف المساند لاثيوبيا وبناء السد . ونظرة السودان لمصالحها الخاصة علي حساب مصر دون النظر بعين الاعتبار للكوارث التي ستتعرض لها مصر جراء تشييد سد النهضة ومحاولة السودان استغلال الموقف وفرض رؤية انه ليس ثمة خطر يهدد مصر من بناء السد .
ومصر ليست ضد قيام اثيوبيا بمشاريع تنموية تتعلق بتوليد الطاقة . ومصر ايضا ليست ضد استفادة السودان وتحقيق مكاسب لها . ولكن ليس عدلا ان يكون ذلك علي حساب مصر وضد مصالحها والاخطار التي تحيط بها من جراء بناء هذا السد وبالطريقة التي ترغبها اثيوبيا .

وخلاصة القول .. ان اي منصف يحلل المشهد يري ان اثيوبيا والسودان يبحثان عن مصالحهما فقط ولتذهب مصر الي الجحيم ..
ولكن لا احد يختبر ارادة مصر علي الاطلاق .. فمصر تعي جيدا المخاطر التي تتهددها . ومياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياه او موت . وهذا امر لا يقبل المساومة ولا جدال فيه فالنيل هو شريان الحياه للمصريين .. واذا كانت مصر تتبني الخيارات الودية والدبلوماسية لعلها تجد حلولا مقبولة .فلا يمكن لمصر ولا لجيش مصر ولا للقيادة المصرية ان تسمح باكتمال بناء هذا السد الذي يتسبب في عطش المصريين وتهديد حياتهم ومستقبلهم وتبوير ملايين الافدنة من الأراضي الزراعية المصرية .
.
لكن مصر تحاول جاهدة مد كل حبال الود مع اثيوبيا للوصول الي حلول مرضية تحفظ للجميع حقوقه فلا ضرر ولا ضرار .. ومصر تمتلك كافة الحقوق التاريخية و القانونية والانسانية التي تحفظ لها حقوقها في مياه النيل .. وليعلم القاسي والداني انه كما تمد مصر حبال الود . فانها تمتلك ايضا حبالا اخري . فلا احد يحاول اختبار ارادة المصريين .
مصر التي حباها الله وحماها من كيد الخائنين . وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين .

زر الذهاب إلى الأعلى