اخبار

تنظيم تضارب المصالح للوقاية من الفساد

تأليف : دعاء الجهيني – كاتبة / باحثة إدارة عامة متخصصة في قضايا تضارب المصالح والحوكمة – رئيس تحرير ملف النشرة الأسبوعية – المركز الديمقراطي العربي – برلين /ألمانيا





تأليف : دعاء الجهيني – كاتبة / باحثة إدارة عامة متخصصة في قضايا تضارب المصالح والحوكمة – رئيس تحرير ملف النشرة الأسبوعية – المركز الديمقراطي العربي – برلين /ألمانيا

تنظيم تضارب المصالح للوقاية من الفساد



تقديم:

لاقى مجال تنظيم تضارب المصالح اهتماماً بالغاً من قبل الباحثين الأجانب في نهاية السبعينيات ، حيث جاء على إثر هذا الاهتمام العلمي ظهور مفهوم أساسي وهو مفهوم تضارب المصالح الذي يفسر ويعبر عن مجموعة مواقف الانحراف الوظيفي للعاملين في المؤسسات و التي تحدث بمستويات مختلفة . و قد تعكس في بعض منها فساداً صريحاً وفي البعض الآخر من هذه المواقف ربما تكون مواقف تحتم الاعتماد على آليات التنظيم وليس المكافحة ، ومن هناء جاءت مساعي هذا الكتاب للوقوف على معنى مفهوم تضارب المصالح وخاصة في مجال الخدمة المدنية ، حيث يسلط الكتاب الضوء على تعريفات تضارب المصالح المختلفة وتصنيفها في الوظيفة العامة ، من خلال عرض أنماطها وأشكالها وأنواعها ومجالات ظهورها في مراحل الخدمة المدنية للموظف العام ، كما سعى الكتاب نحو عرض الأطر المنظمة في القوانين الدولية المعنية بمكافحة الفساد ، فضلاً عن عرض واقع تضارب المصالح في البيئة المصرية .

مقدمة عامة :

تعتبر ظاهرة تضارب المصالح Conflict of Interest من أكثر الظواهر المحيرة في مجال العلوم الاجتماعية بصفة عامة ، فهي ظاهرة متعددة بطبيعتها ، ويمكن مناقشتها في أكثر من مجال ، ومن خلال أكثر من منظور ، فهي لا تحظى بتعريف ثابت أو شامل ، ويمكن مناقشتها بأكثر من طريقة ، ولهذا السبب ، يحتم على الباحث الذي يسعى لتحليل هذه الظاهرة ، قبل السعي نحو إيجاد تعريف محدد لهذه الظاهرة ، أن يحدد السياق الذي سيتناول فيه تلك الظاهرة التي يمكن أن نطلق عليها صفة الظاهرة الحربائية ، و لهذا السبب جاءت مساعي هذا الكتاب نحو تحديد نطاق الوظيفة العامة كمجال محدد لدراسة أنماط ظاهرة تضارب المصالح التي تظهر فيه على سلوكيات الموظف العام . كما أننا معنيين في هذا الكتاب بتسليط الضوء على ظاهرة تضارب المصالح في مجال الوقاية من الفساد ، وذلك عبر تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية ، تتمثل في تشخيص مفهوم تضارب المصالح على نحو دقيق في مجال الوظيفة العامة ، وذلك في ظل التعريفات المتعددة لهذا المفهوم من قبل الباحثين الأكاديميين ، الذين اجتهدوا في تفسير وتحليل وتعريف هذه الظاهرة في نطاقات وسياقات مختلفة ، ومن خلال خطوة التشخيص يمكننا معرفة كيف يحدث تضارب المصالح في مجال الوظيفة العامة ، كما يأتي الهدف الثاني حول تصنيف ظاهرة تضارب المصالح ، خاصة وأنها تصنف وفق أكثر من معيار ، ولها اتجاهات كثيرة لتحديد نوعية الموقف أو تقييمه أخلاقياً ، ومن ثم ننطلق من هنا نحو قاعدة هامة وهي أن خطوة تصنيف تضارب المصالح ساهمت بشكل كبير في تحديد مواقف تضارب المصالح في ما إذا كانت تضارب في المصالح أم أنها فساد ! وعليه يكون الهدف الثالث هو تسليط الضوء على آليات ضبط وتنظيم تضارب المصالح التي تسهم في تجنب الفساد في الوظيفة العامة ، وهي مسألة تغيب عن مناقشات الأكاديميين و المكلفون بتعزيز الحوكمة ، حيث يتم التعامل مع مواقف تضارب المصالح على أنها جريمة فساد ، و من ثم يحدث الخلط بين هاتين الظاهرتين ، فالطريق نحو تعزيز الحوكمة يبدأ بضبط مواقف تضارب المصالح وتحديد الضرر المتوقع ، ومن ثم منع المراحل المبكرة للفساد عبر هذه الخطوة . وفي هذا الإطار جاء مسار هذا الكتاب متجهاً نحو عرض سلسلة من الأفكار في متن الفصول الثلاثة التي تسلط الضوء على تعريفات الباحثين لمفهوم تضارب المصالح في مختلف الاتجاهات التي تم تبينها ، كما اتجه الكتاب نحو تسليط الضوء على تصنيفات التضارب المختلفة التي تنوعت بين تلك التقليدية والحديثة ، والصور والممارسات المختلفة التي عرضت أنماط وتصنيف تضارب المصالح في مجال الخدمة المدنية ، بين تضارب المصالح أثناء مزاولة الخدمة أو الوظيفة العامة ، وبين ممارسات تضارب المصالح وتصنيفها في مرحلة ما بعد الخدمة المدنية ، فضلاً عن تسليط الضوء على مبادئ و آليات تنظيم تضارب المصالح التي يتحقق منها تجنب الفساد وتحقيق الهدف الوقائي ، ولهذا السبب ، تم عرض أهم المبادئ القانونية في أطر مكافحة الفساد في الاتفاقية الدولية التي تعرض المبادئ التوجيهية لتجنب الفساد وذلك في متن الفصل الثاني من الاتفاقية ، كما عرض الكتاب واقع تضارب المصالح في البيئة المصرية وأهم الخطوات التي تم اتخاذها وتفعيلها لتجنب الفساد في الوظيفة العامة.

زر الذهاب إلى الأعلى