أسلامياتعاجل

كيف تشعر بلذة الصيام

كتب /عبدالرحمن عويس

بسم الله الرحمن الرحيم
ان شهر رمضان المبارك شهر فرض الله صيامه في كل سنة وفضل الله هذا الشهر علي سائر الشهور
وجعل صيامه فرض علي كل مسلم مكلف.
ولكن من الناس من يصومون رمضان من أجل العاده وليس من اجل العباده
فكيف نصوم رمضان ونحن نشعر بلذته وحلاوة وقته
يقول الله تعالى فى الحديث القدسى: (وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحَبَّ إليّ مما افترضتُهُ عليه) إذَن فأفضلُ شيءٍ تتقربُ بهِ إلى الله تعالى هو الفرائض (كالصلواتِ الخَمس، والزكاة، وصيام رمضان، والحج).
ولكن لابد أنْ تعلمَ جيداً أن العبادات ليست مُقتَصِرَةً على حركاتٍ تؤدَّى في الظاهر وفقط، وإنما – حتى تؤثرَ العبادةُ في قلبك – لابد من وُجُودِ شَيْئَيْن:
 أنْ تصبرَ على المُدَاوَمَةِ عليها، كما قال أحدُ السَلَف: (عَالَجْتُ قيامَ الليل سَنَة، ثم تمتعتُ به عِشرين سَنَة).
. أنْ تفهمَ مُرَادَ اللهِ من هذه العبادة، فحتى يؤثرَ فيك الصيام..ينبغي أنْ تفهمَ أولاً المعاني الإيمانية للصيام.
فمثلاً عندما تأتى عليك آخرُ ساعةٍ في الصيام، وتشعرُ أنك مُنهَكُ القُوَى.. ذليل.. مُنكَسِر..
كل ما تحتاجُهُ هو شربةُ ماءٍ تُذهِبُ ظمأك أو لُقمَةٍ تَسُدُّ جُوعَك، فساعتَهَا تعرفُ قدْرَ نفسِك، فتعرفُ ضعفك وفقرك، وكذلك تعرفُ ربّكَ القوي الغني، الذي لا يحتاجُ إلى شيءٍ (فلا يحتاجُ إلى طعامٍ ولا إلى شراب)، فهو سبحانه الذى يُطعِمُ ولا يُطعَم، وهو الرزاق ذو القوة المَتِين.
فساعتَهَا تقول: (سبحان مَن لا يأكلُ ولا يشرب)، (سبحان الذى ليس كَمِثلِهِ شيءٌ وهو السميعُ البصير)، فحينئذٍ يَشهَدُ قلبُكَ عَظَمَة اللهِ تعالى، وينشَغِلُ بذلك عن الجُوع والعطش، لأنه قد شعر أنه فقيرٌ ومُحتَاجٌ إلى ربه، وكذلك قد شعر أنه غَنِىٌ بالله الذي لا يحتاجُ إلى شيءٍ مما يحتاجُهُ البَشَر، فهُوَ سبحانه الذي يسألُهُ مَن في السموات والأرض، (وهذا هُوَ مَشهَدُ التوحيد في الصيام)
فهذا المَشهَد يَدفعُ العبدَ عن ارتباطِ قلبه بالمخلوقين، وعن التعلق بهم، وعن التوكل عليهم، فلا يعتمدُ على أحدٍ إلا الله، ولا يستعينُ إلا به وحده، وذلك لأنه قد رأى ضَعفَ البَشَر مِن حَولِهِ في هذا الشهر، ورأى ذُلَّهُم وفقرَهُم لِفَقد الطعام والشراب وحِرمَانِهِم منه، فصارُوا لا حَوْلَ لهم ولا قوة، فحينئذٍ يَعلمُ أنه لا يَجُوز له أنْ يتوكل على ضعيفٍ مثله أو على فقيرٍ مثله أو على مَن يَموتُ مثله، فيتوجه كل اعتمادِهِ على اللهِ  الحيِّ القيوم، فحينئذِ تدعو اللهَ تبارك وتعالى وأنت مُوقِنٌ بالإجابة، لأنك قد عَلِمتَ يقيناً أنه سبحانه القويّ الغنيّ الذي بيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شيئ
 وهناك مَشهَدٌ آخر يَظهَرُ عِندَ الإفطار وهو: (مشهد الفرح)، وذلك عندما تأتى قبل الإفطار بلحظات والماء أمامك…وحلقك سيتقطع من العطش، فتجِدُ أنَّ نفسك التي بينَ جنبَيْكَ تقولُ لك: (اشرب)، ولكنَّ اللهَ يقولُ: (لا تشرب)، فتجعلُ حُكمَ اللهِ يَمضى على نفسك، كما قال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ) فحينما يأتى الإذنُ مِن المَلِكِ سبحانه وتعالى تفرحُ بفطرك، وتفرحُ بانتصارك على نفسِك، كما قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) أي بفضل الله الذى وفقك لأداء الطاعة كما ينبغى، والذى وفقك لمجاهدة نفسك، والذى أعطاك دعوة مستجابة عند فِطرِك.
وهناك مشاهد أخرى فى الصيام نذكرُ منها: أنْ تشعُرَ بلذةِ التعب لِمَن تحب…(أنْ تتعبَ لله)، فعندما تشعر بالجوع والعطش والتعب فى الصيام تستشعر أنَّ اللهَ هو الذى أمرك بذلك، وأنت تحبُ الله، وكما نقول:(كل ما يأتي مِن حبيبك…حبيبك)، فأنت تجوعُ لله وتعطشُ لله وتتحملُ لله.
 ومنها مشهد الإيثار والتخلص مِن بُخل النفس: وذلك تشاهدُهُ عندما تُفَطِّرُ عندك صائماً (وخاصة لو كان فقيراً)، فعندما تجلس معه على مائدة افطار واحدة، وتطبق معه قولَ الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وقوله تعالى: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) فتؤثِرُهُ على نفسك وتعطى له من أفضل قطعة تحبها فى الطعام فتتخلص ساعتَها من بُخل النفس كما قال تعالى: (﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾
ومنها مشهد سَلامةُ الصَدْر للمسلمين: وذلك تلاحظه فى قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (فإنْ سَابَّهُ أحَد أو قاتله فليَقل إني امرؤٌ صائم)وذلك يُعَلِمُكَ احتمال الأذى، وَرَدّ السيئة بالحسنة.
 ومنها أنْ تتذكر إخوانك الجوعى.
(فلابد أنْ تستشعر هذه المعانى الإيمانية وأنت صائم، حتى يكون صيامُكَ بحب).

زر الذهاب إلى الأعلى