اخباردليل القراء للاستشارات *التنمية البشرية*عاجلمحافظاتمقالات

وليد موسى يكتب : أن يُبصر الناس الهدى !

كلما تقدم بنا العمر وتساقط منّا بعضه تتغير نظرتنا للأمور وتصبح أكثر شموليه أكثر وضوح كما لو كنا نصعد إلى السماء تدريجياً وبزيادة العمر نزداد ارتفاعاً لنرى الدنيا فى عيوننا أصغر وأصغر حتى إذا رأينا الصورة الحقيقيه للحياة فلا سبيل لنا عندها لنغلق عيوننا بل تكون أوضح صورة للدنيا هي النظرة الأخيرة لنا عليها

وهذا حال كثير من الناس إلا أن فئة قليله إختاروا أن يسارعوا فى الصعود لأعلى وفى استشراف المستقبل وفى نظرهم للأمور حتى إذا ما وصلوا لهذه النظرة يكون لديهم متسع من الوقت ليخبروا العالم عن الحقيقه ويرشدوا الناس الى الطريق القويم وينتشلوهم من الضياع إلى الهدى ومن التيه إلى الرشاد.

أولئك الباحثون عن ذواتهم ولم يرتضوا أن يكونوا مع الخوالف أبداً عليهم أن يجدّوا فى المسير نحو المعالى ، عليهم بعدما علموا أن لكل فرد على وجه البسيطه رسالة يؤديها وبعدما أدركوا أن رسالتهم فى الحياة أن يُبصر الناس الهدى، عليهم أن يدركوا ذلك الجمع الوفير من الناس الذين لا يعلمون ما رسالتهم ولا يعلمون أين ينتهى بهم واقعهم الذي يحيونه اليوم ولا يظنون بأنفسهم قدرة على تغييره  او تحقيق أمالهم وأمانيهم عليهم أن يدركوهم قبل فوات الاوان.

دخل ربعي بن عامر رضى الله عنه على رستم قائد الفرس فلما سأله ما جاء بكم قال “نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام”  نعم كان أكثر الصحابه الكرام من أولئك أصحاب الرسالة الواضحة الذين يعلمون جيداً لماذا هم موجودون على الأرض فلما علموا ما هي رسالتهم وعملوا على تحقيق رسالتهم بكل ما أُتوا من قوة وبذلوا لإجلها كل جهد دانت لهم الأرض وخرج معظم اهل الارض من جور الأديان لعدل الإسلام كما أرادوا.

وتعريف الناس برسالتهم يحتاج فى كثير من الاحيان لتغيير القناعات والمعتقدات إذ أنها غالباً تكون قناعات سلبيه ترفض التغيير وترضى بالدون وتغيير قناعات الإنسان من الأمور الصعبه لكنها مع ذلك هي السبيل الوحيد لتغيير الفكر وتغيير الفكر يعني تغيير الانسان الذي هو اللبنه الاولى فى المجتمع يقول الدكتور طارق السويدان:

((إن تغيير قناعات وفكر شخص ما هي السبيل لتغييره بالكامل، فإذا تغيرت قناعاته وتغير فكره وبني فكره بشكل سليم تغير هو تبعاً لهذا وتأثرت شخصيته بهذا التغير)).

على اولئك الذين منّ الله عليهم بأن هداهم سبل الرشاد وجعلهم من أهل السداد ووضع لهم القبول فى الارض بين الناس ألا يدخروا جهداً فى معالجة الضعف والفساد الفكري الذي أستشري في الأمة لأجيال متتابعه وأثر بشكل كبير على قيمة الإنسان كصانع للحاضره فإن أي أمه تريد أن تنهض من نكباتها عليها أن تعي أن أول وأهم مقاومات بناء النهضه هى الإنسان وأول لبنه فى بناء الانسان هى بناء الفكر وبناء الفكر إنما يقوم على القناعات التى اساسها المبادئ والقيم.

ذلك البناء الفكري هو الضامن الوحيد لحماية الأمه فى مراحل التحول إذ أنه حين يحيى الإنسان وفق قيم ومبادئ سليمه يكون قادراً على المثابره وعلى تجاوز المحن والشدائد ويحمل الأمه من التبعيه للرياده ومن العبوديه إلى الحريه ويصبح المجتمع وحده واحده تتحرك فى إتجاه واحد وله رساله واحده أن تكون الأمه فى الصداره كي يُبصر الناس الهدى ، ويكون لسان حال كل فرد في المجتمع ((أن السياط لا تلغي القيم ، و أن المشانق لا تقتل المبادئ و أن التعذيب لا يميت الحقوق )) .

زر الذهاب إلى الأعلى