أدب و فن

” ولا يهمنى ” قصة قصيرة تأليف / تامر حامد

تأليف/ (تامر حامد)

نهض ليقاتلنى فنظرت فى عينيه ، فاستكان و جلس فى وضع القرفصاء دون أن يتفوه بكلمة .
هذه الكلمات فقط للردع، فليحذر كل من تُسوِلُ له نفسه أن يقف أمامى بعد اليوم ، فهو التحذير
الذى يسبق العاصفة ، إصغو إلَىّ سأروى عيلكم القصة ولكم الخيار .
إعتدت فى الماضى حياة الفتى الهادئ ذو الخلق العالِ ، الذى يُقدِر كل من حوله كبيراً أو صغيراً ،
وكنت لا أبالى أن أقدم وابل و وافر التقدير و الإحترام لكل الناس .
هذا و باختصار شديد و باختذال لمواقف عديدة تُصَدِقُ على كلامى، لكن فى ظل هذه الأخلاق و مراعاتى
الدائمة لمشاعر من حولى، إذ بأصحاب النفس المريضة المتسلطة، اللذين يرون مآربهم و ضالتهم فى من
بشبهوننى فى الخلق و العادات و التقاليد .
فدائما نحن أصحاب الخلق العالٍ ، لا نرد السيئة بالسيئة و لكن نردها بالتفاتة ظهورنا ،
بُعداً عن المصادمات .
أما الصنف الآخر أجدهم تلقائى فى كثيرٍ من حركاتى و سكناتى ، لكننى أتنحى عنهم طيلة الوقت .
لا أعلم أهو ضعفٌ أم ذكاء لتنجب المخاطر ؟! ، أم أتوارى بالضعف خلف الذكاء ؟ .. حقاً لا أعلم .
دخلت فى مشاريعٍ عديدة مع مايسمون رجال وقت الشدائد أى أصدقاء ، و لكننى وجدت مايُقال فى حقهم
” بُعداً بُعداً ” لأجدهم أشباه رجال فقط فى مظهرهم الخارجى، أما داخلهم فهو أجوف من الرجولة .
سئمت العيش فى هذه الحالة ، خاصةً أننى أحب الناس و أحب مخالطتهم و الحديث معهم و الأنس بهم .
ظل الصراع بينى و بين ذاتى، حتى أن الصراع احتدم و أصبح على أشُده، أأظل على حالتى صاحب
الأخلاق السامية ؟! ، أم لابد و من تغيير كًلىٍ و جزرى ؟ .
أطلق حكم المباراه صافرتهً و أنهى الصراع ليعلن تقدمى بهدف دون رد لصالحى ، لأحمل درع الانتصار
لأتحرر من خجلى أو ضعفى مقبلا على مرحلة جديدة .
فى ظل نشوة الانتصار ، زارنى أحد أصدقائى الذى اعتاد أن يمر عَلَىَّ كل فترة ، لنخرج سوياً لنمارس هواية
التجول فى الطرقات .

هذه المرة مختلفة تماماً، كان القرار حتمى بالتغيير و تحدى من يقف أمامى ، لذلك كان أول ضحايى أو
بالأحرى الناجيين من بين أنيابى، هو أحد مُريدى المقهى المتواجد فى مؤخرة الشارع الذى أقطن فيه .
كانو مجموعة من الرجال الذى تتراوح أعمارهم ما بين الخمس و الثلاثون سنة و الأربعين ، وكان الرجل
المعنى بالأمر يجلس فى وضع القرفصاء بين أصحابه ، وكان بجواره طاولةٌ مُحَملُ عليها كوب عناب
” كركديه “، عندما اقتربت من الطاولة دفعتها بقدمى حتى انسكب الكوب كله على رأسه لينزلق و يتخلل
ملابسه .
و مع صيحات الاستهجان من أصحاب الرجل، كان رد فعله متوقع ، نهض ليقاتلنى فنظرت فى عينيه ،
فاستكان و جلس فى وضع القرفصاء دون أن يتفوه بكلمة .
شعرت بقيمة القرار ذو الحالة الجديدة ، لا أخقيكم سراً أننى استنشقت شهيقاً عميقاً و أطلقت الزفير ،
وسأذكر لكم لماذا .
نهض ليقاتلنى فنظرت فى عينيه ، فاستكان و جلس فى وضع القرفصاء دون أن يتفوه بكلمة .
فوجدت صديقى ينحنى من شدة الضحك الهيستسرى ، ثم استنشقت شهيقاً عميقاً و أطلقت الزفير ، ليسألنى
صديقى عما فعلت ، فأجبته بعمق .. منها لله النضارة ، يوم ما أنساها لازم أعمل حادثة ، بالإضافة إلى أننى
فى هذه الأيام ، كانت إحدى عيناى مغماه بالشاش و القطن بفعل فاعل .. وهو الطبيب ، و ذلك بسبب عارض
أصابها .
لذلك جلس الرجل ولم يعقب ، عندما رآنى على حالتى المزرية يبدو أنه رَقَ لى و سامحنى .
كنت أنتوى تغيير الحال ولم يحالفنى الربح المرتقب .
نعم عشت الوهم للحظات ، لكن النظارة الطبية فسدت عَلَىَّ الأمر ، كان لها رأىٌ آخر فى روايتى ،
يبدو أن نظارتى الطبية أصرت ان تكون شريكة إحدى رواياتى القصيرة .
نصيحتى لكل من يرتدى النظارة الطبية لا تتركها بعيدةُ عنك ، فاليوم مر بسلام لكننى لم أضمن ماحال الغد .

زر الذهاب إلى الأعلى