مقالات

قنابل موقوته /// بقلم اللواء طارق الفامي

قنابل موقوتة .
بقلم اللواء/ طارق الفامي .

تعتبر قضية الأطفال مجهولى النسب أحد القضايا الإجتماعية التى لم يتم مناقشتها بالشكل الكافي بالرغم من أهميتها الإجتماعية .
فالأطفال مجهولى النسب هم أطفال غير شرعيون تم الحمل فيهم خارج نطاق الزواج الشرعي ويطلق عليهم أيضاً العديد من الأسماء فى المجتمع مثل أطفال السفاح أو أطفال الزنا أو أطفال لقطاء وهم دائماً فى نظر المجتمع متهمون بالرغم من أنهم ليس لهم ذنب فيما حدث لهم .
وهم أطفال غير مرغوب فيهم من المجتمعات وخاصة المجتمعات الشرقية و العربية .
ويتعرض هؤلاء الأطفال إلى الإهمال من المجتمع ولم يلاقوا العناية الكافية من الدولة فهم مهملون إجتماعياً وصحيا ونفسيا وتربويا بالرغم من أن هؤلاء الأطفال جزء لا يتجزأ من المجتمع وعلينا الوقوف معهم وإيجاد الحلول المناسبة لهم .
هؤلاء الأطفال لايجب أن يتحملوا أخطأ آبائهم فهم غير مسؤولون عنها .
فلا يصح أو يليق تسميتهم بأطفال السفاح أو أطفال الزنا أو أطفال لقطاء ويكفى أنهم حرموا من رعاية وحنان الأبوين والحياة الطبيعية الكريمة ويكون مصيرهم الشوارع و الأرصفة ولا يجدون من يرعاهم فهم أطفال مظلومون ويجب على الدولة و المجتمع توفير الرعاية لهؤلاء الأطفال وتعويضهم عن أبويهم ورعايتهم على أكمل وجه وتوفير البيئة الصالحة لتنشئتهم لكى يصبحوا أسوياء بهدف مصلحة المجتمع و الوطن الذى يعيشون فيه .
وللمجتمع دوراً مهماً في رعاية هؤلاء الأطفال حيث يجب تدريب العاملين مع هؤلاء الأطفال وتأهيلهم و إختبارهم نفسياً للوقوف على مدى قدرتهم على التعامل مع هؤلاء الأطفال وتوفير دور الرعاية المناسبة لهم على أحدث المستويات مع توفير الأموال اللازمة لذلك أو من خلال الأسر البديلة والتى يتم تدريبها و تأهيلها للتعامل مع هذا الطفل الذى سوف يشملوه برعايتهم دون أن يشعروه بأنه مجهول النسب أو إنه لقيط حتى لا يشعر بالإهانة .
إن الأطفال مجهولة النسب تزداد أعدادهم بشكل يدعوا الى القلق لذلك أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا يقضى بمعاملة الطفل مجهول النسب كالطفل اليتيم ضمن القرار ١٥ لسنة ٢٠١٥ لتعديل بعض أحكام قانون الضمان الإجتماعي ١٣٧ لسنة ٢٠١٠ وإستبدال الفقرة ( ج ) من المادة الثانية الخاصة بتعريف اليتيم ليكون كل من توفى والداه أو توفى أبوه وتزوجت أمه أو مجهول الأب أو الأبوين .
وجاء هذا القرار ليحل أزمة عانى منها الأطفال مجهولى النسب وهى إستخراج الأوراق الرسمية كشهادات الميلاد و بطاقة الرقم القومي وبهذا القرار أصبح يمكنهم إستخراج هذه الأوراق الرسمية والتى تمكنهم من الدخول تحت مظلة التأمين الصحي و الضمان الإجتماعي .
كما أصدر الرئيس السيسى قرار بقانون بتعديل بعض أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ والذى يخص بتسليم الطفل مجهول النسب إلى أسرة بديلة حيث كان القانون ينص على أن يتم تسليم الطفل للأسرة البديلة فى عمر سنتين ولكن تم التعديل ليقل العمر إلى ٣ أشهر للطفل الذى يتم تسليمه إلى الأسرة البديلة .
كما حددت وزارة التضامن الإجتماعي شروط لكفالة هؤلاء الأطفال من خلال نظام الأسر البديلة منها التأكد من صلاحية الأسرة وسلامة نواياها لرعاية هؤلاء الأطفال دون إستغلالهم وأن تكون الأسرة مصرية مكونة من زوج و زوجة وولدين على الأكثر ويكون أفراد الأسرة البديلة حاصلين على قدر من التعليم .
وأن تكون هذه الأسرة البديلة قادرة ماديا على تلبية احتياجات الطفل كما لا يزيد سن الزوجين عن الستين ولا يقل عن خمسة وعشرون عاماً .
كما يجوز أيضاً للأرامل و المطلقات ومن لم يسبق لها الزواج وبلغت من العمر ما لا يقل عن ثلاثين عاما أن تقوم بكفالة الأطفال .
كما يتم عقد دورات تدريبيه للأسرة البديلة مدتها ٣ أشهر لكى تتعلم كيفية التعامل مع الطفل وفى حالة عدم إجتياز الأسرة البديلة لهذه الدورة لن تحصل على الطفل .
كما تلتزم الأسرة البديلة بتعليم الطفل في مراحل التعليم المختلفة و أن هناك متابعة شهرية من الجهات المعنية لمعرفة أحوال الطفل ومتابعته .
إن هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم فيما آلات إليه الأمور و الأحداث التى أدت إلى وضعهم الحالى فى المجتمع لذلك على الدولة من خلال سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية أن تضع القوانين و آليات تنفيذها و تراقبها بكل دقة لضمان توفير الحماية لهؤلاء الأطفال مع توفير أفضل الخدمات لهم لكى يتم تنشئتهم فى بيئة صحية ونفسية سليمة لكى يشاركوا فى مسيرة البناء و التنمية للدولة .
لذا يجب الإهتمام ودراسة هذه الفئة مع عدم تعرضهم للإهانة والضغوط النفسية حتى لا يصبح فى المستقبل شابا كارها لنفسه منتقما من المجتمع فيصبحوا قنابل موقوتة .
كما يجب أن يكون هناك دورا أساسيا وفاعلا لكل من رجال الأزهر الشريف و علماء النفس و علماء الإجتماع فى وضع حلول لهذه الظاهرة التى نحن بصددها الأن وأن تتطابق هذه الحلول مع الدين و الشريعة الإسلامية الحنيفة حيث أن أعداد هؤلاء الأطفال سوف تتجاوز إثنين مليون طفل لذا يجب أن نضع لهم حلولاً علمية من المتخصصين . ( طارق الفامي ) .

زر الذهاب إلى الأعلى