مقالات

معالم مصر التاريخية علي مر العصور بقلم المهندس/ طارق بدراوى ** مجمع ألومنيوم نجع حمادى **

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** مجمع ألومنيوم نجع حمادى **
مجمع ألومنيوم نجع حمادى هو شركة لصناعة الألومنيوم تم إنشاؤها بإسم شركة مصر للألومنيوم ويعرف مصنعها الرئيسي بإسم مجمع الألومنيوم وتقع علي بعد حوالي 20 كيلومتر من مدينة نجع حمادى بمحافظة قنا بجنوب مصر وهو يعد قلعة الصناعة بالصعيد وأيضا أكبر مصنع ألومنيوم في العالم العربي والشرق الأوسط كله وبلغ الإنتاج السنوى له في سنواته الأولي 166 الف طن سنويا ويقع المصنع بصحراء نجع حمادي وبجانبه المدينة السكنية الخاصة بالعاملين بالمصنع وله ميناء نهرى يطل على نهر النيل وقد تم إنشاؤه بعد بناء السد العالي حيث توافرت الطاقة الكهربائية ولذلك إتجه التفكير لبناء مصنع للألومنيوم حيث يحتاج إستخلاص الألومنيوم إلي خام الألومنيوم ومادتي الألومنا والبوكسيت وطاقة كهربائية عالية لعملية التحليل الكهربائي اللازم وقد بني المصنع بجانب قرية هو بمركز نجع حمادي محافظة قنا ويعمل به ما يزيد علي عشرة آلاف عامل وتعتبر شركة مصر للألومنيوم إحدي شركات الشركة القابضة للصناعات المعدنية وتتبعه مدينة سكنية يقيم بها العاملون بالمصنع وتحتوي علي كل الخدمات الأساسية كالمدارس والمستشفي والنادي الرياضي الذي لعب عدة مواسم في الدوري المصري الممتاز لكرة القدم والذى أقيمت به بعض مباريات بطولة الأمم الأفريقية عام 1986م ويوجد بجوار المصنع محطة تحويل للكهرباء لتزويده بالطاقة اللازمة وقد وصل إنتاج المصنع إلى 320 ألف طن بعد إنتهاء تطوير الخلايا به عام 2010م .
وقد تم إنشاء هذه القلعة الصناعية الكبرى بالقرب من محطة محولات السد العالى جهد 500 كيلو فولت بموجب صدور القرار الجمهورى من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1967م الذى يقضي بإنشاء مجمع للألومنيوم على مساحة قدرها 500 فدان وتم تكليف المرحوم الدكتور يوسف إسماعيل كمفوض عام علي المشروع وتكون مهمته القيام بأعمال الإنشاءات وفى عام 1969م تم التعاقد مع الإتحاد السوفيتى على توريد المعدات والمستندات الفنية والخبرات اللازمة لإقامة مصنع متكامل لإنتاج الألومنيوم بطاقة إنتاجية قدرها 100 ألف طن ثم أضيف بروتوكول توسعات جديدة بطاقة إنتاجية قدرها 66 ألف طن سنويا ليصل إجمالي الإنتاج إلى 166 ألف طن سنويا وفى شهر أكتوبر عام 1973م بدأت أعمال التركيبات وتنفيذ جميع المرافق وفى يوم 27 أكتوبر عام 1975م إنطلقت الشرارة الأولى فى صحراء نجع حمادى تحت غشراف الخبرة الروسية بطاقة إنتاجية تبلغ 166 ألف طن سنويا بنظام خلايا التحميص وكانت فكرة المصنع تكمن فى وجود مجمع ألومنيوم يضم العديد من المصانع التكميلية وذلك بعد الإنتهاء من بناء السد العالى بهدف إستغلال الكهرباء الزائدة المنتجة من السد وتشغيل عدد كبير من العمالة وتحقيق عائد مادى بالعملة الصعبة عن طريق تصدير الإنتاج إلي الخارج وخاصة إلي الدول القريبة التي تقع في منطقة الشرق الأوسط بإعتباره أول مصنع من نوعه فى الشرق الأوسط وكانت المعدات الروسية التي تم تركيبها بالمصنع من أفضل المعدات التى تم تركيبها فى المصنع وذلك بشهادة الخبراء والمهندسين والعاملين بالمصنع وكان المصنع ينتج لفافات مدرفلة علي البارد والساخن وألواح الألومنيوم الثقيلة وشرائح الألومنيوم والرقائق وألومنيوم بقلاوة وألومنيوم محبب بهدف الدخول فى صناعات جديدة غير مالوفة وفي نفس الوقت لها سوقها وكان معظم إنتاج المصنع يتم تصديره إلى الخارج لزوم إستخدامه فى صناعة المعلبات ورقائق الألومنيوم وإحتياجات الطباعة وأجهزة التبريد والتنكات والخزانات وصناعة الطائرات بالإضافة إلى إحتياجات قطاع الإنشاء والبناء وقد أشار الخبراء الروس الذين ساهموا حينذاك في إنشاء المصنع عندما تزايد الإقبال والطلب على إنتاج الألومنيوم من الخارج بسبب جودة الإنتاج بضرورة إقامة مشروع مصنع للفويل الخاص بإنتاج معلبات الكانز وغيرها التى تعتمد على الرقائق ليغذى إحتياجات المنطقة منها ولكن للأسف الشديد مع الإهمال والتراخى وعدم جدية الحكومة ظلت الفكرة والمشروع حبيس الأدراج وتمكنت تركيا من عمل هذا المصنع الذى صدرت معظم إنتاجه وغطت به إحتياجات المنطقة وضاعت الفرصة علي مصر ليكون لها السبق في هذا المجال وقد ظل الروس يقدمون خبراتهم لمجمع الألومنيوم من عام 1973م ولمدة 10 سنوات أى حتي عام 1983م ويشهد العاملون بالمصنع بأن المعدات التى بدأ بها المصنع فى الإنتاج كانت تكلفتها وإقتصادات إستهلاكها فى الكهرباء ومصادر الطاقة الأخرى قليلة إلي حد كبير كما كانت كفاءتها أكبر وكان العامل البسيط يستوعب تشغيل المعدة بسرعة حتى وصل الأمر إلى أن الخبراء الروس جعلوا العامل البسيط قادرا علي إصلاح الأعطال بنفسه وبكل سهولة وعلي الرغم من التطوير الذى حدث فى المصنع ووصول الإنتاج إلى 320 ألف طن من خلال عدد 12 عنبر بإستخدام معدات غربية فرنسية وأميريكية بنسبة 60 إلى 70% فإن هناك معدات روسية ما زالت تعمل مثل الأوناش والكراكات والسيارات الناقلة بشكل جيد وللأسف أن هناك مصانع أغلقت عقب خروج الروس كانت تقوم بإستخدام مخلفات الألومنيوم منها مصنع الخزف الصينى ومصنع الثلج ومصنع الشبة الذى كان ينتج آلاف الأطنان ويتم توريد إنتاجه إلى محطات مياه الشرب على مستوى الجمهورية ولكن مع سوء الإدارة وعدم التطوير أغلقت تلك المصانع كما أنه فى عام 1982م كان قد إقترح الخبراء الروس على إدارة المصنع مشروع بإنشاء محطة كهرباء ضخمة بتكلفة قدرها 600 ألف جنيه لتغذى مصنع الألومنيوم بعد تزايد الإستهلاك على السد العالى وأيضا كان هدف المشروع تغذية مصانع جرجا ونجع حمادى ودشنا الخاصة بإنتاج السكر ولكن الإدارة رفضت هذا المشروع في حينه وحاليا أجريت دراسة جديدة لهذه المحطة ووجد أن هذا المشروع تبلغ تكلفته حاليا 3 مليارات ونصف المليار جنيه .


وللأسف الشديد فهذا الصرح الصناعي الكبير تواجهه مشكلات عديدة منذ ثورة 25 يناير عام 2011م بسبب زيادة فترات إنقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود المطلوب لتشغيل الخلايا وغيرها من الأزمات ونجم عن ذلك خسائر كبيرة كان آخرها 20 مليون جنيه خلال عام 2013م بسبب إنخفاض أسعار المعدن فى بورصة المعادن وإرتفاع أسعار الطاقة الكهربائية إلي جانب أن وزارة الكهرباء قد طالبت بتخفيف الأحمال مما إضطر إدارة المصنع إلى عمل مناورات لتشغيل الخلايا الأمر الذي يؤثر على زيادة التكلفة المستخدمة بسبب إعادة تشغيل الكهرباء وتعرض العديد من سيارات نقل المعادن للسرقة وإزدياد عمليات السطو على سيارات المصنع الناقلة للمنتج نتيجة للإنفلات الأمنى فى البلاد وإنخفاض التصنيف الائتماني لمصر بجانب نقص المواد البترولية مما أدى إلي توقف مصنع الدرفلة والمسابك وإحتراق مصنع البلوكات ومن ثم تحققت الخسائر الكبيرة التي لم يعرفها المصنع منذ إطلاق الشرارة الأولى للإنتاج في عام 1975م وعلاوة علي ماسبق قيام العمال بالإضراب عن العمل بين الحين والآخر للمطالبة بحقوقهم التي يصفونها بالمشروعة حيث يطالبون بزيادة البدل النقدي وبدل المخاطر وفتح باب التسويات لحملة المؤهلات العليا وباب التعيينات بالمعهد الفني الصناعي ومركز التدريب بالألومنيوم والمتوقفة منذ عام 2008م وتحسين مستوى الخدمة الصحية التي يتم تقديمها لهم .

زر الذهاب إلى الأعلى