شخصيات

وظائف ومهن تراثية بقلم المهندس/ طارق بدراوى ** المأذون الشرعي **

سلسلة وظائف ومهن تراثية
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** المأذون الشرعي **
كان الزواج في الزمن القديم يتم ببساطة شديدة فلم يكن هناك تسجيل ولا توثيق لعقود الزواج ولا بيانات مكتوبة ولا دفاتر وإنما كان الأمر يتم شفهيا بحضور الشهود والأولياء ويتم إعلانه للناس جميعا ومع مرور الوقت إستحدثت عملية تسجيل أسماء الأزواج عند القضاة ويعتقد أن بداية ذلك كانت في القرن العاشر الميلادى في عصر الفاطميين الذين حكموا مصر ومع كثرة أعمال القضاة وتشعب مسؤولياتهم أسند هذا الأمر إلى شخص آخر يقوم بتسجيل هذه البيانات تحت إشراف القاضي أما في العصر الحديث فترتبط مهنة المأذون الشرعي في مصر كمهنة مستقلة بعام 1899م في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني حيث صدرت أول لائحة تنظم العمل بهذه المهنة والتي كانت موجودة بالفعل قبل هذا التاريخ ولكن كان القائم بها وكيل أو نائب للقاضي الشرعي يتم منحه الإذن بتسجيل بيانات الزوجين عند عقد قرانهما ثم يقوم بتوثيق العقد تحت إشرافه ولذا فقد كان يطلق عليه في البداية مأذون القاضي ولكن مع كثرة أعمال القضاة وتشعب مسئولياتهم تم إسناد هذا الأمر إلى شخص آخر أطلق عليه إسم المأذون الشرعي وتم تنظيم عمله وجعله موظفا عاما دون أن يتقاضى مرتب من قبل الدولة وكانت مهنة المأذون الشرعي قديما لا يتقدم إليها الا بعض الأشخاص الكبار في السن وكانت أعلى درجة تعليمية لهم هي الإبتدائية ومنهم من كان بلا مؤهلات وكان يقرأ ويكتب فقط وظل المأذون يتوارث في العائلات وكان يطلق على هذه العائلة عائلة المأذون لما في هذه المهنة من هيبة ووقار كما كان المأذون يقوم بالتدخل لحل المشاكل الأسرية وغيرها قبل الوصول الي المحكمة .
ومع تطور الزمن ومقتضياته تطورت مهنة المأذون الشرعي وأصبح المتقدم لعمل وظيفة المأذون الشرعي في الوقت الحالي لابد وأن يكون من الحاصلين على الليسانس أو الماجستير أو الدكتوراه وأن يكون دارسا للشريعة ويقوم بتقديم الأوراق المطلوبة منه إلى محكمة الأسرة التابعة لدائرته ويتم إصدار قرار من مستشار وزير العدل بتعيينه مأذونًا كما شهد تطور المهنة تطورا في الشكل فلم يعد المأذون هو ذلك الشخص كبير السن الذي يرتدي الجلباب والقفطان بل ظهر في السنوات الأخيرة المأذون الشاب الذي يرتدي البدلة ويحمل التليفون المحمول واللاب توب كما صمم بعضهم موقعا على شبكة الإنترنت للإجابة عن إستفسارات وتساؤلات من يقدمون على الزواج ومالم يتطور حتي الآن هو اللائحة القديمة التي صدرت عام 1955م والتي تنص على أن المأذون موظفا عاما لا يتقاضى مرتبا من الدولة بل يتقاضى أجره من المواطنين المقبلين على عقود الزواج وهذا للأسف من شأنه أن يفقد المهنة هيبتها ووقارها ويضيع مكانة المأذون بسبب نظرة بعض الناس إليه على أنه جامع للمال ولا يهمه إلا مصلحته فقط وهذه النظرة الخاطئة للأسف توجد في بعض المأذونين الدخلاء علي المهنة الذين لا هم لهم إلا جمع المال ولا يتدخلون لحل المشاكل الأسرية ويقومون بإجراء الطلاق في أسرع وقت لأنهم يحصلون على مقابل مادي من هذا الطلاق فعلى الرغم من أن مهنة المأذونية هي وظيفة شرعية ظهرت مع حاجة المجتمع إلي من يعقد قران الأزواج ويفصل بينهم في حالات الطلاق إلا أنه ظهر العديد من المأذونين ممن لا يحملون أي مؤهل شرعي أو دراسة تؤهلهم لممارسة تلك المهنة بما فيها من بيان لأحكام الزواج فالمفترض كي يعين شخص في مهنة المأذون أن يعقد إمتحان له بالمحكمة الشرعية التابع لها في الشريعة الإسلامية ومن يحصل علي أعلي الدرجات بالإمتحان يرشح مأذونا للمنطقة التابع لها إلا أنه للأسف تتدخل المحسوبية والواسطة أحيانا في تمرير هذا الإمتحان وأصبح الناس يعانون من وجود من يمارس هذه المهنة دون دراية بالدين بل ويقوم أحيانا بعقد عقود باطلة لاسيما في حالات المراجعة بعد الطلاق فضلا عن من يقوم بتزويج القاصرات الأمر الذى يتطلب فتح هذه القضية والتأكد من خطورتها لتنبيه الجهات المسئولة إلي إتخاذ الخطوات اللازمة لمنع مهازل المأذونين بالوراثة الذين لا يحملون أي مؤهلات شرعية . ويرى العاملون في هذه المهنة أنه لو كان المأذون الشرعي موظفا يتقاضى مرتبا من الدولة ولا يأخذ أجرا من المواطنين لتأنى في إتمام إجراءات الطلاق وتدخل بنية صادقة في حل المشاكل الأسرية والتي ينتج عنها الطلاق حيث يقول الله تعالي إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما كما أنه بموجب هذه اللائحة المشار إليها لا توجد عدالة إجتماعية في مهنة المأذونية حيث هناك تفاوت كبيير في الدخل المادي على الرغم من أن الدرجة الوظيفية واحدة وذلك لإختلاف منطقة كل مأذون في عدد سكانها ومستوياتهم الإجتماعية وبالتالي في عدد عقود الزواج والطلاق بها لأن منطقة من الممكن أن يجرى بها ألف عقد في العام ومنطقة أخرى لايجرى بها الا ثلاثون عقدا في العام وفى ذلك ظلم واضح وعدم وجود عدالة إجتماعية بين مأذون وأخر فالمأذون يقوم بإجراء أهم وأسمى وأشرف عقد في تاريخ الإنسان ألا وهو عقد الزواج وقد سمى الله عز وجل هذا العقد في كتابه الكريم بالميثاق الغليظ وعلي هذا أيعقل أن يكون المأذون موظفا حكوميا بدون راتب وأجر ثابت له فالمأذون هو الموظف الوحيد في الدولة الذي يقوم بأعمال تخص الدولة والناس ولا يتقاضى من الدولة أجر نظير عمله كما أنه لايوجد لمهنة المأذون الشرعي نقابة خاصة بها كما لا يوجد للعاملين بهذه المهنة ضمان إجتماعي ولا تأمين صحي ولا حتى معاش لهم عند عجزهم عن العمل أو لأولادهم عند الوفاة .
ومن هنا فإن الكثير من العاملين بمهنة المأذون الشرعي يطالبون بتحديد مرتبات لهم مثلهم مثل جميع موظفي الدولة وإعادة توزيع دوائر ومناطق المأذونية بحيث يكون لكل الماذونبن نسب متساوية من عدد السكان وتوزيع عقود الزواج على جميع المأذونين بالتساوي حيث يكون لكل مأذون عدد معين من العقود في العام مثله مثل غيره من المأذونين وبذلك يتحقق للمأذون حياة حرة كريمة وتحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة بين العاملين بهذه المهنة مع ضمان أن يعمل المأذون الشرعي دون الزحف وراء المال بأى طريقة كما يقترح العاملون بهذه المهنة عدة طرق من شأنها أن توفر الأجور والمرتبات للمأذونين وأيضا معاش لهم ولأولادهم دون تكلفة الدولة وذلك مثلا عن طريق أنه حتي عام 2014م كان الألف الأولى من المؤخر عليها رسوم واحد وعشرون جنيها وعشرون قرشا وباقي الآلاف من باقي المؤخر كل ألف عليها عشرون جنيها هذا غير ما يأخذه المأذون لنفسه دون تحديد لقيمة معينة فإذا زاد ت هذه الرسوم على كل ألف من عشرين جنيها الي أربعين جنيها مثلا ولا يأخذ المأذون شيئا لنفسه فتؤخذ الأربعين جنيها كلها للدولة فتأخذ الدولة عشرين جنيها كرسوم والعشرين الأخرى تجمع ويتم دفع مرتبات موحدة للمأذونين جميعا على مستوى الجمهورية من هذه الحصيلة حتى يتساوى الدخل بينهم كما أنه يمكن فرض حد أدني يورد لخزينة الدولة على كل عقد زواج أو طلاق وليكن ألف جنيه مثلا عن كل عقد يبدأ من أي مؤخر إلي خمسة ألاف جنيه وكلما زاد مؤخر الصداق عن خمسة ألاف جنيه يتم توريد نسبة 2% على هذه الزيادة مع مراعاة أن يشمل هذا التوريد المأذون الشرعي والموثق المنتدب للإخوة المسيحيين لأنهم لايكتبون مؤخر صداق في عقودهم وبالتالي لا يوردون للدولة أي أموال وبالتالي تتحقق المساواة بين جميع فئات الشعب . وإلي جانب ماسبق يقترح العاملون بمهنة المأذون الشرعي أن يراعى في المتقدم للعمل بهذه المهنة جميع الشروط اللازمة لأي وظيفة حكومية عامة من حيث السن والمؤهل الدراسي وحسن السير والسلوك والسمعة الطيبة وغيرها ومن ثم تعديل القانون المنظم لعمل مهنة المأذون الشرعي وتطبيق قانون العاملين بالدولة علي هذه المهنة كما يشترط ألا يكون المتقدم لعمل المأذونية موظفا في الدولة حتى لو تقدم بإستقالته من عمله أو على المعاش حتى يتم توفير فرص عمل للشباب مع تطبيق سن المعاش علي العاملين بهذه المهنة مع إشتراط أن يكون المتقدم للعمل في المأذونية رجلا ويرى العاملون بهذه المهنة أن تطبيق كل ماسبق من مقترحات من شأنه أن يضمن للمأذون أشياء كثيرة منها ضمان حياة كريمة ومستقرة له ولأسرته وأيضا ضمان المساواة بين المأذونين وباقي موظفي الدولة من حيث المسمي الوظيفي والمساواة بين المأذونين جميعا من حيث الدخل العام لهم أسوة بالموثق المنتدب للإخوة المسيحيين الذي يأخذ راتبه من الكنيسة وكنتيجة لذلك وبوضوح الرسوم المقررة للزواج لكل مواطن سيتم عدم تغريم الدولة أي أعباء مالية إذا أخذ هذا الحل في الاعتبار .

زر الذهاب إلى الأعلى