مقالات

“تركيا بين المطرقة الأمريكية و السندان الروسى” بقلم اللواء/ طارق الفامي

قامت الحروب بين الإمبراطورية الروسية و الدولة العثمانية ما بين القرنين السادس عشر و القرن العشرين إنتصرت فيها الإمبراطورية الروسية في معظمها مما أنهك الدولة العثمانية وكانت تنتهى هذه الحروب بمعاهدات قاسية على الدولة العثمانية فكانت أحد أسباب إنهيار الدولة العثمانية .
وكانت تلك الحروب تتمحور حول السيطرة على شبه جزيرة القرم و البحر الأسود و منطقة البلقان و مضيق البسفور و مضيق الدردنيل .
وفى تسعينات القرن الماضى تطورت العلاقات الروسية التركية بشكل متسارع وفى عام ٢٠١٥ بعد أن أسقطت تركيا طائرة حربية روسية توترت العلاقات بينهما وكانوا على وشك المواجهة العسكرية ولكن سرعان ما قام الطرفان بتدارك الموقف .
لم تكن العلاقات التركية الروسية دائماً في أحسن حال إذ يتخللها العديد من فترات التوتر ووصلت إلى الصدام المباشر فى كثير من الأحيان ووصلت فى بعض الأحيان لقطع العلاقات تماماً .
فدائما العلاقات الروسية التركية عبارة عن تقارب و تباعد تفرضها الظروف و المصالح المشتركة .
وعندما تكون العلاقات التركية الأمريكية متقاربة فلا تسعى تركيا إلى تطوير علاقتها مع روسيا وعلى العكس فحينما تتوتر علاقتها مع أمريكا نجدها تتقارب مع روسيا وربما يزداد هذا التقارب بعد أزمة منظومة الدفاع الجوي الروسية S _ 400 التى حصلت عليها تركيا وفرضت أمريكا العقوبات على تركيا .
إن التوافق بين روسيا و تركيا فى الآونة الأخيرة غير معتاد تاريخيا لذلك هذا التقارب لن يستمر لفترة طويلة ولن يدوم إلى الأبد وأن التعاون اليوم لايعنى التعاون غدا .
وقد أعرب حلف الناتو عن قلقه إزاء إمتلاك تركيا لمنظومة الصواريخ المضادة للطائرات S _ 400 بعدما أعلنت تركيا إستلام الدفعة الأولى من هذه الصفقة وهذا سوف يزيد من التوتر بين أمريكا و تركيا بالرغم من التحذير الأمريكى لتركيا من مغبة الخضوع لعقوبات صارمة .
وأمريكا تعارض صفقة S _ 400 لعدم مواءمتها لأنظمة سلاح حلف الناتو و إعتبرتها خطر حقيقى حيث يمكن أن يتمكن الخبراء الروس الذين سيدربون الأتراك على هذه المنظومة من التجسس و كشف اسرار تخص المقاتلة الأمريكية F _ 35 التى تريد تركيا شرائها وهذا يمكن أن يحدث بسهولة و سرعة شديدة و أيضاً يمكن أن يحدث مع باقى أنظمة سلاح حلف الناتو .
فمنظومة S _ 400 من أنظمة الدفاع الجوي المتطورة التى تحتوى على رادارات و صواريخ مضادة للطائرات و يمكنها الحصول على معلومات و تحليلها عن الثغرات فى الرادارات و المقاتلات الخاصة بحلف الناتو .
وقد انضمت تركيا إلى حلف الناتو فى عام ١٩٥٢ وإستمرت فى لعب دور هام في سياسة حلف الناتو المسيطر عليه من أمريكا فى مواجهة الإتحاد السوفيتي السابق و دور تركيا فى حلف الناتو هو دور هام للمصالح الإستراتيجية للحلف الذى يسعى إلى تطوير الدرع الصاروخى على الأراضى التركية لحماية الأراضي الأوروبية من تهديدات الصواريخ الباليستية الروسية و الإيرانية وهذه مصلحة كبيرة تجمع بين تركيا و حلف الناتو .
وتركيا تعلم جيداً أن حلف الناتو يحتاج إلى الموقع الإستراتيجي لتركيا لحماية الدول الأوروبية من هذه الصواريخ وهذا ما يلعب عليه أردوغان و يعتبر أن تركيا تمنح القوة لحلف الناتو للحفاظ على الأمن الأوروبي .
لذلك أصبحت العلاقة بين تركيا من جهة و أمريكا و حلفائها الممثلين فى حلف الناتو من جهة أخرى علاقة ضعيفة وفى حالة توتر .
ثم أن العلاقات التركية الروسية فى حالة تذبذب وغير مضمونة فالمصالح التركية الروسية و الرؤى متضاربة بينهما الى حد كبير فى المنطقة العربية ( الشرق الأوسط سابقا ) .
لذلك تركيا أصبحت الأن بين المطرقة الأمريكية و السندان الروسى وسوف تكشف لنا الأيام القادمة أمورا كثيرة . ( طارق الفامي ) .

زر الذهاب إلى الأعلى