مقالات

معالم مصر التاريخية علي مر العصور بقلم المهندس/ طارق بدراوى ** مدينة ملوى **

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** مدينة ملوى **
ملوى مدينة مصرية تتبع محافظة المنيا إداريا وهي عاصمة مركز ملوى وهي تقع جنوب محافظة المنيا حيث يحدها من الشمال مركز أبو قرقاص ومن الجنوب مركز ديرمواس وتبعد مدينة ملوى عن القاهرة بمسافة 270 كم جنوبا وعن مدينة المنيا عاصمة الإقليم بمسافة 45 كم جنوبا وتبلغ مساحتها 5087 فدان وتعداد المدينة حوالى 681 ألف نسمة تقريبا وتبلغ مساحة المركز 76 ألف فدان تقريبا ويرجع أصل كلمة ملوي إلى كلمة مرو باللغة الهيروغليفية أو كلمة مري باللغة القبطية وكلاهما يعني مستودع الأشياء ثم حرفت إلى ملوي أما عن النشاط الزراعى بمركز ملوي فتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المزروعة في مدينة ملوي حوالي 4 آلاف فدان وفي مركز ملوي ككل حوالي 62 ألف فدان وتشتهر ملوي ببعض المحاصيل الزراعية المتميزة القابلة للتصدير مثل محاصيل البصل وقصب السكر والقطن والذرة الشامية والموالح كما تنتشر في ملوي العديد من المصانع مثل مصانع تشكيل البلاستيك ومصانع تشكيل المعادن ومصانع الثلج ومضارب الأرز ومصانع الحلوى الطحينية ومصانع المكرونة ومصانع تحضيراللحوم ومصانع الطوب الأسمنتي ومصانع تدوير القمامة ومصانع العسل الأسود ……
وجدير بالذكر أنه يوجد في ملوى العديد من المساجد الأثرية منها مسجد العسقلاني ومسجد العرفاني ومسجد الشيخ ناصر ومسجد الشيخ إبراهيم ومسجد اليوسفي ومسجد عبادة بن الصامت بقرية عبادة التابعة لمدينة ملوى كما توجد بملوى العديد من الكنائس والأديرة المعروفة منها كنيسة السيدة العذراء مريم وكنيسة الأنبا بيشوى ودير أبو فانا وكنيسة العائلة المقدسة للأقباط الكاثوليك ومن أشهر عائلات ملوى توجد عائلة سيف النصر باشا ولايزال بملوى قصر أثرى مبني علي الطراز الفرنسي وأهم مايميزه وجود تمثال لنسر طائر أعلاه كان يمتلكه عبد المجيد باشا سيف النصر تم تشييده في أوائل القرن العشرين الماضي في عام 1907م كما يوجد مسجد كبير قام ببنائه يحمل إسمه وهو المسجد المجيدى ويقع في شارع سمي أيضا بشارع المجيدى بوسط مدينة ملوى ويتميز بأعمدته ومئذنته الرائعة التصميم والتي تعد تحفة معمارية نادرة وكان هذا الرجل يمتلك قصرا آخر في غرب المدينة تبرع به ليتم تحويله إلي مستشفي لعلاج الفقراء بالمجان كما أنه قد تبرع بالمال من أجل إنشاء المدرسة الثانوية للبنين بملوى…..
ومن أهم معالم ملوى متحف ملوى والذى أنشئ في شهر يونيو عام 1962م بالمنيا في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ويشتمل على الآثار التي تمثل العصور المختلفة حيث تعد منطقة ملوي إحدى المناطق الأثرية الهامة فى مصر حيث كانت هذه المنطقة مسرحا للحضارات الفرعونية والإغريقية والرومانية. ففى منطقتى الأشمونين وتونا الجبل ترك آباؤنا وأجدادنا آثار باقية على مر العصور وإعتزازا بالماضى وأمجاده وحفاظا على هذا التراث الخالد تم إفتتاح متحف آثار ملوى الإقليمى فى يوم 23 يوليو عام 1963 ضمن إحتفالات عيد ثورة يوليو الحادى عشر في هذا العام ليضم الآثار المستخرجة من مناطق تونا الجبل والأشمونين ومير وليعتبر مرآة صادقة تعكس صورة ما كانت عليه هذه المنطقة فى العصرين اليونانى والرومانى وكذلك بعض القطع الأثرية من عصر الدولة القديمة وعصر العمارنة ويتكون من طابقين بهما أربع قاعات عرضت بها الآثار الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية وآثار تونا الجبل والأشمونين وتل العمارنة وآثار مصر الوسطى …..
ومن أهم القرى التابعة لمدينة ملوى قرية تونة الجبل والتي يطلق عليها أيضا مدينة المومياوات والتي بحسب إحصائيات عام 2006م بلغ إجمالي تعداد السكان فيها حوالي 16 ألف نسمة وقد إشتق إسمها من الكلمة المصرية القديمة تاحني أي البحيرة إشارة إلى بحيرة كانت تتكون في المنطقة نتيجة لفيضان النيل وأصبحت في اليونانية تاونس وتونة في العربية وأضيفت إليها كلمة الجبل نظرا لوقوعها في منطقة جبلية صحراوية وتمييزا لها عن القرية السكنية الحديثة التي سميت تونة البلد وتوجد بتونة الجبل العديد من المعالم الأثرية والتي تسمي في مجموعها جبانة تونة الجبل وهي تشمل جبانة مدينة هيرموبوليس ومقبرة الكاهن بيتوزيريس الكاهن الأكبر للإله تحوت إلي جانب السراديب ومقبرة إيزادورا والساقية الرومانية ولوحة حدود مدينة إخناتون وهي أحسن وأجمل مافي المدينة حفظا وقد نحتت في أحد صخور المنطقة قبل مدخل جبانة تونة الجبل وصور عليها إخناتون ونفرتيتى وبناتهما يتعبدون للإله آتون وأسفل اللوحة توجد أجزاء من تماثيل مجسمة لكل من إخناتون ونفرتيتى وبناتهما وتمتد منطقة آثار تونة الجبل حوالي 3 كم وهي ذات أهمية خاصة لأنها تبرز مظاهر التزاوج الفنى بين الفن المصري القديم والفن اليوناني …..
ومقبرة بيتوزيريس والتي ترجع إلى عصر البطالمة عبارة عن مقبرة فريدة في عمارتها وفنونها فعمارتها تماثل عمارة المعابد المصرية في الدولة الحديثة وفنونها جمعت بين الفنين المصري واليوناني في بعض الحالات وفى حالات أخرى أبرزت الفن المصري بخصائصه الأصيلة والفن اليوناني بخصائصه المميزة له وكان پيتوزيريس هو الكاهن الأول للإله تحوت سيد الأشمونين وقد أعد لنفسه ولوالده ولشقيقه هذه المقبرة حيث دفنوا فيها جميعا وتزخر المقبرة بالعديد من المناظر الدنيوية مثل الزراعة والحصاد وجمع وعصر العنب ورعى الطيور والحيوانات والمنظر الشهير لبقرة تلد هذا بالإضافة إلى مناظر الصناعات الحرفية المتعددة والمناظر الدينية مثل الجنازة ومقدمي القرابين وعبادة الآلهة وبعض فصول كتب الموتى …..
والسراديب عبارة عن مجموعة ضخمة من الممرات المنقورة في الصخر والتي كانت مخصصة لدفن طيور أبو منجل المقدسة وكذلك القردة بعد تحنيطها وكانت المومياوات توضع في توابيت فخارية أو خشبية أو حجرية وتضمنت السطوح الخارجية لبعضها نصوصا بالخط الديموطيقى وقد تعددت وتنوعت أماكن دفن هذين الرمزين المقدسين للإله تحوت والتي ترجع إلى أواخر التاريخ المصري القديم وإن انتشرت إلى حد كبير في العصرين اليوناني والروماني وتضم الجبانة بضع ملايين من المومياوات بالإضافة إلى مقبرة أحد كهنة تحوت ويدعى عنخ حور والذي كان يشرف على تقديم القرابين للآلهة وعمليات دفن المومياوات …..
أما مقبرة إيزادورا فتعد ضمن عشرات المزارات الجنائزية المتصلة بالمقابر والتى كان يستخدمها زوار الجبانة في المناسبات الدينية والتي يرجع أقدمها للأسرات المتأخرة من التاريخ المصري وأكثرها للعصر البطلمي ومن أهم تلك المقابر تلك المقبرة المسماة بمقبرة إيزادورا وهى فتاة عاشت فيما يبدو في القرن الثانى قبل الميلاد وكانت قد غرقت وهى تعبر نهر النيل للقاء حبيبها وقد رثاها والدها بمرثية شعرية كتبت باليونانية القديمة وسجلت على جدران المقبرة وتضم تلك المقبرة مومياء يظن أنها مومياء إيزادورا ……
والساقية الرومانية هي صهريج أو خزان مياه شيد تحت سطح الأرض بالطوب الأحمر تبدو في شكل بئر أسطوانى يصل عمقه إلى حوالى 40 مترا وهى أضخم خزان مياه من نوعه في مصر وقد شيد في العصر الروماني.ولابد أنه كانت هناك خزانات أخرى من عصور سابقة لتخزين المياه الضرورية لإستخدام العاملين في الجبانة والزوار ولمتطلبات التحنيط والقرابين والطقوس الجنائزية ولكنه لم يكشف عنها بعد .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى