شخصيات

رجال من مصر ” ملك القطن”بقلم المهندس/ طارق بدراوى ** محمد أحمد فرغلي باشا **

سلسلة رجال من مصر
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** محمد أحمد فرغلي باشا **
محمد أحمد فرغلي باشا كان أحد كبار رجال الأعمال في مصر قبل ثورة يوليو عام 1952م وصاحب شركة فرغلي إحدى أكبر وأنجح شركات القطن في تاريخ مصر ولذلك كان يلقب بملك القطن في مصر هكذا كان يطلق عليه نظرا لأنه كان أشهر تجار القطن في مصر كلها وقد ولد فرغلي باشا بمدينة الإسكندرية عام 1901م في أسرة من كبار تجار الحبوب والقطن تنتمي في الأساس إلى مدينة أبو تيج بمحافظة أسيوط حاليا وكانت قد إستقرت في الإسكندرية وقد حمل الشارع الذى ولد فيه إسم أسرته حيث تم تسميته شارع فرغلي وهو يقع بين منطقة ميدان المنشية ومنطقة الجمرك وتلقى تعليمه الأولي في مدرسة الجيزويت الفرنسية ثم إلتحق بكلية فيكتوريا والتي كان يلتحق بها أبناء الطبقة التي كانت تعد صفوة المجتمع حينذاك وكان من زملائه فيها أمين عثمان باشا وزير المالية الوفدى الذى تم إغتياله عام 1946م ثم سافر إلى إنجلترا لإستكمال دراسته في مدرسة لندن للدراسات الإقتصادية غير أن مرض أبيه إضطره للعودة إلى مصر لتحمل أعباء العمل التجارى للعائلة وبعد عودة فرغلي باشا من إنجلترا وكان رأس مال والده في هذا الوقت 30‮ ‬ألف جنيه‮ بدأ محمد أحمد فرغلى‮ ‬يتردد على بورصة مينا البصل بالإسكندرية حيث كانت هي بؤرة النشاط التجارى فى مصر كلها ويسيطر عليها الأجانب محققين أرباحا طائلة أما المصريون فكان أغلبهم ‬يعمل فى‮ مهنة ‬العتالة‮ أى نقل وتحميل السلع التي يتم التعامل عليها في البورصة .
وقد إستهوى فرغلي الإبن العمل بالبورصة وهنا عرض على والده فكرة العمل بالتصدير لكنه رفض فنشأ خلاف بينهما فقرر ان‮ ‬يبدأ مشروعا خاصا به فأنشأ مزرعة للخنازير على‮ ‬مساحة 900 ‮ ‬فدان مستصلحة تمتلكها الأسرة بالمنصورة بمديرية الدقهلية وإستمر المشروع لمدة سنتين حتي إستدعاه والده إلي الإسكندرية مرة أخرى فصفى مشروعه وعاد الى الإسكندرية وكان قد حقق ربحا قدره‮ ‬3‮ ‬آلاف جنيه وهو مبلغ كبير بمقاييس هذا الزمان وبعد عودته إلي الإسكندرية قرر فرغلي الإبن أن يخوض تجربة تصدير القطن وكان هو المحصول الرئيسي الذى يعتمد عليه الإقتصاد المصرى حينذاك إلي الخارج منافسا الأجانب الذين كانوا يحتكرون تصديره من مصر منذ أيام محمد علي باشا ولمدة حوالي 100 عام ووافق فرغلي الأب بعد إلحاح شديد من فرغلي الإبن ومن ثم بدأت رحلة ملك القطن مع التصدير في منتصف عشرينيات القرن العشرين الماضي غير أن فرغلي الإبن تكبد في صفقته الأولى خسارة فادحة بلغت أكثر من أربعة آلاف جنيه وكان مبلغا كبيرا في ذلك الوقت لكنه تعلم الدرس من الخسارة وأخذ يتقدم خطوة وراء خطوة وبدأت رحلته في النجاح والشهرة في عام 1927م بعد وفاة والده ولتصعد حصته في تصدير القطن من ربع في المائة من المحصول المصري إلى 15% من جملة المحصول المصري بعد حوالي عشر سنوات من بداية نشاطه التصديري محتلا بذلك المركز الأول في قائمة مصدري القطن في مصر وقد أدى نجاحه في هذا المجال إلي دفع وتشجيع الكثير من المصريين علي إقتحام هذا المجال الذى كان مغلقا وحكرا علي الأجانب دون غيرهم . وفى عام 1935م إنتخِبَ محمد أحمد فرغلى وكيلا لبورصة مينا البصل بالإسكندرية وكان أول مصرى ينهى سيطرة الأجانب الطويلة على المناصب القيادية في البورصة وفى مقابلة مع ملك مصر في ذلك الوقت الملك فؤاد الأول بعد إنتخابه صافحه الملك وودعه مخاطبا إياه بكلمة بك ولما كان نطق الملك ساميا لا عودة فيه في تلك الأيام فقد حاز محمد أفندى أحمد فرغلى علي رتبة البكوية وصار محمد بك أحمد فرغلي وفى عام 1941م فى ظل وزارة حسين سرى باشا حصل محمد بك أحمد فرغلي على رتبة الباشاوية وأصبح بذلك محمد باشا أحمد فرغلي وقد تعرض محمد أحمد فرغلي باشا للكثير من الأزمات والمحن ففي عام 1934م أدى إرتفاع أسعار القطن في بورصة نيويورك إلى توريده كميات كبيرة كان متعاقدا عليها بأسعار كلفته خسارة قدرها 600 ألف جنيه غير أن حصوله على قرض من البنك الإيطالي بقيمة 100 ألف جنيه دون ضمان أنقذه من ضائقةٍ مالية شديدة وعاد الخط البياني إلى الصعود السريع مرة أخرى حتى جاءت الأزمة الثانية عام 1949م ومما يذكر أنه خلال السنوات الفاصلة بين الأزمتين كان فرغلى باشا قد أصبح من كبار المساهمين في عدد كبير من الشركات وعضوا في مجالس إدارات عدد من البنوك والمؤسسات الإقتصادية كما كانت شركة فرغلي للأقطان قد توسعت في أعمالها حتى وصلت أرباحها السنوية إلى ما يزيد على مليون جنيه وخلال الأزمة الثانية المشار إليها عجز صغار ومتوسطو التجار عن توريد الكميات المطلوبة في التوقيتات المحددة لمجموعة شرائية عملاقة تم الإتفاق بشأنها بين محمد أحمد فرغلى وعلى يحيى وبعض الشركاء الآخرين وللإفلات من الحصار الذي يهددهم لجأ هؤلاء التجار إلى تصعيد الأمر بالشكوى إلى الحكومة المصرية وكانت المفاجأة في فتوى مجلس الدولة لوزارة المالية بإمكان تسليم التجار لأقطان لا تطابق المواصفات وإعترض علي ذلك فرغلي باشا وشركاؤه وإستمر النزاع بين الطرفين لعدة سنوات ثم إنتهي الأمر بصدور حكم لصالح فرغلي باشا وشركائه وقد تضمن الحكم أن فتوى مجلس الدولة بعدم شرعية أعمال البورصة والتي تتم يوميا بشكل دورى ويتم من خلالها تداول ملايين الجنيهات تضر بالإقتصاد القومي للبلاد ضررا بالغا .
وفى عام 1951م تعرض فرغلي باشا لأزمة ثالثة دفعته إلى البكاء أمام زوجته فقد تعاقد على بيع ربع مليون قنطار من القطن بسعر ثمانية جنيهات للقنطار لتصل قيمة الصفقة إلى مليوني جنيه وبعد أن تم التعاقد رفض خبراء البورصة القطن الذي قدمه فرغلي باشا لأنه ليس مطابقا للمواصفات وعندما إحتج المصدر الكبير على القرار تشكلت لجنة ثانية أيدت ما وصلت إليه اللجنة الأولى ويعترف محمد أحمد فرغلي بأنه دفع 5 آلاف جنيه لأحد كبار الصحفيين ممن يملكون دارا صحفية ليكتب مقالا موقعا بإسم فرغلي باشا حمل عنوان إني أتهم يتهم فيه مندوب الحكومة في البورصة بالتحيز ولم ينقذ فرغلي باشا من هذه الأزمة العاتية أو المحنة الثالثة التي تعرض لها سوى حريق القاهرة ففي أعقاب حريق القاهرة الذي شب في يوم 26 يناير عام 1952م سقطت الحكومة الوفدية التي كانت قائمة حينذاك برئاسة مصطفي النحاس باشا وتشكلت وزارة جديدة في اليوم التالي 27 يناير عام 1952م برئاسة علي ماهر باشا قبلت القطن الذي سبق رفضه وبدلا من خسارته لمليوني جنيه حقق فرغلي باشا ربحا جديدا وشاء له القدر أن يفلت من هذه الأزمة بسلام والتي كادت أن تعصف بإمبراطوريته .
ولم تمض شهور قليلة إلا وقامت ثورة 23 يوليو عام 1952م التي أعادت رسم ملامح مصر سياسيا وإقتصاديا وفي لقائهما الأول قال محمد أحمد فرغلى للرئيس الراحل جمال عبد الناصر ‬يا رفعة الرئيس كيف لا أؤيد تغييرا‮ ‬يسعى الى تحقيق الأفضل‮ ‬لقد كنت أتوقع مثل هذا التغيير بداية من عام‮ ‬1949م‮ ‬وكان خوفى أن تقع السلطة فى أيدى الإخوان المسلمين فيعودوا بالمجتمع للوراء‮ وبعد ذلك تم تقديم محمد أحمد فرغلى وعلى‮ ‬يحيى وأحمد عبود وأحمد عبد الغفار للمحاكمة بتهمة التلاعب فى بورصة الأقطان بناءا على مذكرة من مجموعة من التجار قدمت لمجلس قيادة الثورة وفى أول جلسة للمحاكمة قال رئيس المحكمة وكان عبد اللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة الثورة إن السيد محمد أحمد فرغلى أخرج من القضية لعدم توافر أى أدلة ضده تدل على إدانته وفي عام 1961م أتت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث صدرت قرارات التاميم فتم تأميم شركته ولكنه رفض ترك مصر علي الرغم من العروض الضخمة التي جاءته من إنجلترا للإستفادة من خبراته وكان أحدها للعمل كمستشار لأحد البنوك الإنجليزية وقبل العمل في وظيفة مستشار لمؤسسة القطن المصرية براتب ضئيل جدا حيث كان أول مرتب شهري حصل عليه بعد فرض الحراسة علي شركته هو 2.5 جنيه شهريا ووصل آخر مرتب حصل عليه إلي ما يقل قليلا عن 001 جنيه شهريا في حين كان العرض الإنجليزي يتضمن راتبا يصل إلي 25 ألف جنيه مع سيارة وسائق .
وعن التأميم قال محمد أحمد فرغلى لا‮ ‬يستطيع أحد أن‮ ‬يجادل فى حق الدولة فى التأميم فهو من الحقوق السيادية لها ولكن الذى‮ ‬يمكن الجدال فيه هو أسلوب التأميم وكيفية التقييم والتعويض عن الشركات المؤممة حيث يجب أن يكون التقييم على أساس سعر سهم الشركة فى البورصة و‬لقد وقع التأميم على مصريين وأجانب ولكن الأجانب حصلوا على تعويض مجز وعلى معظم حقوقهم ولم‮ ‬يوضعوا تحت الحراسة وللأسف الشديد لم‮ ‬يحدث ذلك مع المصريين مما عرضهم لظلم بين ولذلك فإن التأميم وقع بطريقة عشوائية ويستطرد فرغلي باشا قائلا عن الحراسة أما الحراسة على أموال وممتلكات الأغنياء فإنها أقرب إلى الأعمال الإنتقامية التى تنتهك كرامة وحقوق الإنسان ولا يعرف آلام الحراسة إلا من وضع تحتها حيث لا حرية في الحركة ولا في التعامل وحيث تكثر الممنوعات ممنوع السفر وممنوع العمل وممنوع الذهاب حتى إلى الأندية وحيث يخاف الناس أن يحادثوك مباشرة أو بالتليفون فمن ستواتيه الشجاعة ولو من باب العطف والشفقة ويغامر بحريته ويضع نفسه في شبهة الحديث مع شخص فرضت عليه الحراسة وكان الأسوأ في ذلك كله أن من تفرض عليه الحراسة يكون ممنوعا من العمل والسعي إلى الرزق وكسب قوت يومه ومن ثم يعيش في إنتظار قروش قليلة تجود عليه بها إدارة تسمى إدارة الحراسة كل شهر لا تكفي لمأكله ومشربه وسكنه وعلاجه وتعليم أولاده وأسرته وإعاشتهم وإذا كان للمرء أن يكره كلمة فإن كلمة حراسة تعد أسوأ الكلمات وقعا على أذنيه حين يسمعها وعلى عينه حين يقرأها . ومن الطريف فيما يتعلق بهذا الأمر أن فرغلي باشا قد إلتقى في هذه الأيام السوداء بأحد أعضاء مجلس قيادة الثورة وحكى له مسترسلا حكاية عن أنه كان قد تعود على النزول في فنادق الدرجة الأولى عندما يأتي إلي القاهرة قادما من الإسكندرية محل إقامته ولكن بعدما تم تأميم شركته وفرض الحراسة عليه إضطر عند حضوره إلي القاهرة إلي الإقامة في أحد الفنادق الرخيصة وقال له إنه تصادف أن فتح نافذة غرفته في الفندق فوقع بصره على لافتة تقول كلماتها العمل حق العمل شرف العمل حياة وقال لهذا العضو إنه كان يتأمل اللافتة ويفكر في نصيب هذا الكلام من الحقيقة الواقعة الآن وهل الذين أمروا بوضع هذه اللافتة يؤمنون بهذا القول حقًا وهل يؤمنون فعلا بأن العمل حق وشرف وحياة مثلما هو مكتوب علي اللافتة وإن كانوا كذلك بالفعل فكيف يأمرون بحرمان بعض أفراد المجتمع منه وإستمع الرجل كعادته لما قاله فرغلي باشا محاولا أن يخفف عنه ومن الغريب في الأمر إنه بعد أسبوع من هذا اللقاء ذهب فرغلي باشا إلى الفندق نفسه ودهش حين لم يجد اللافتة في مكانها وتساءل بينه وبين نفسه هل كان ذلك مصادفة أم أن هناك من أمر برفعها . ومما قاله فرغلي باشا أيضا في هذا الشأن إنه ليس حزينا على المال الذي ذهب فالمال يمكن أن يأتي في أي وقت طالما وجدت الصحة وسلامة التفكير لكن ما ضايقه أنه تم تصوير رجال أعمال وأغنياء ما قبل الثورة من خلال الصحف ووسائل الإعلام المختلفة وكأنهم مصاصو دماء أو قتلة أو قطاع طرق مع أن هذا غير صحيح بالمرة ولم يتحرج وهو يعتصره الحزن أن يذكر إنه كان في منزله ذات يوم في جلسة أسرية وحضرت إحدى بناته ومعها طفلتها المريضة جدا وبدأت تشكو حالها وعجزها عن تقديم المعونة للطفلة المريضة حيث لم يكن معها ولا معه ما يكفي لعلاج الطفلة المريضة ولكنه وعدها خيرا وإنه سوف يساعدها فقالت إبنته متحسرة بكم سوف تستطيع مساعدتي ونحن في سنوات ضنك ونعاني من ضيق ذات اليد وقد سجل فرغلى باشا كل هذه الأحداث التي مر بها علي مدار حياته في مذكراته التي نشرها عام 1984م فى كتاب سماه عشت حياتى بين هؤلاء وقد توفي بعد ذلك بسنوات قليلة عام 1987م عن عمر يناهز 86 عاما وليسدل الستار علي حياة ملك القطن الذى عاش أغلب حياته في الإسكندرية وكان له فيها قصر منيف يقع في منطقة جاناكليس علي مقربة من منزل يوسف باشا ذو الفقار والد صافيناز يوسف ذو الفقار المعروفة بإسم الملكة فريدة الزوجة الأولي للملك فاروق وكثيرا ما شاهده أهل الإسكندرية من رواد نادي سبورتينج وزهرة القرنفل الحمراء تزين عروة الجاكيت الخاص به وكثيرا ما رآه أيضا مرتادو الكورنيش يقود الأوتوموبيل الرولزرويس الخاص به مرتديا طربوشه الأحمر الجميل وهو في عز مجده قبل قيام ثورة يوليو عام 1952م التي جردته من أملاكه وهدمت إمبراطوريته الخاصة بتجارة القطن .
ومن الصفحات المجهولة في تاريخ محمد أحمد فرغلي باشا مايكشف عنه المشير الراحل أحمد إسماعيل علي آخر وزير حربية في تاريخ مصر والقائد العام للقوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر عام 1973م في مذكراته والتي نقلها عنه الصحفي مجدي الجلاد في كتاب مشير النصر حيث يقول لا يعلم الكثيرون التاريخ الحقيقي لبداية لجوء مصر للإتحاد السوفيتي لشراء السلاح منه والتحرر من قبضة الغرب في هذا المجال وبهذه الكلمات بدأ المشير أحمد إسماعيل روايته عن سر التقارب المصري الروسي ليوضح أن الشغل الشاغل للرئيس الراحل جمال عبدالناصر حينها كان إيجاد مصدر جديد لشراء السلاح بعيدا عن بريطانيا لتتجه بوصلته ويوجه عينيه إلى الغرب وتحديدا إلي الولايات المتحدة الأميريكية حيث حاول عبدالناصر كثيرا إقناع الولايات المتحدة ببيع السلاح لمصر ولكن كان الرفض دوما هو موقف واشنطن ومن هنا جاء التفكير في الإتحاد السوفيتي ويقول أحمد إسماعيل في مذكراته متابعا وجاءت البداية عام 1955م عبر أحد رجال الأعمال المصريين الوطنيين ويدعى محمد أحمد فرغلي باشا حيث أبلغه سفير الإتحاد السوفيتي في القاهرة بإستعداد موسكو لبيع السلاح إلي مصر سرا عبر وسيط لإخفاء الأمر عن الولايات المتحدة ورحب الرئيس عبد الناصر بالفكرة حسب رواية المشير الراحل خاصة أنه كان يعلم أن التعاون مع الإتحاد السوفيتي لم يكن بالفكرة الجديدة فقد سبق لرئاسة أركان حرب الجيش المصري التفكير فيه قبل قيام ثورة يوليو عام 1952م من خلال الفريق عزيز المصري باشا ويستطرد إسماعيل في مذكراته أنه هنا قرر الرئيس جمال عبدالناصر زيارة الفريق عزيز عثمان وكان قد أُحيل للتقاعد وأقنعه بتولي مهمة التفاوض مع السوفييت وتوطيد علاقة مصر بهم عبر تعيينه سفيرا لمصر في موسكو وفي حقيقة الأمر أن ثمار تلك الخطوة كانت شديدة الأهمية لمصر وهو ما أثبتته الأيام حيث أعلن المسؤولون السوفييت للسفير المصري إستعداد موسكو لمساندة مصر ودعمها إقتصاديا وعسكريا لتحقيق إستقلالها عن الغرب وهكذا وصلت مصر أول شحنة سلاح سوفيتي في النصف الثاني من عام 1955م عبر دولة تشيكوسلوفاكيا التي تم إختيارها كوسيط لصفقات السلاح السوفيتي بعيدا عن أعين الولايات المتحدة وقد أحيطت الصفقة بالسرية التامة وبالتكتم الشديد من قبل الحكومتين المصرية والسوفيتية ووقتها وقع إختيار الرئيس جمال عبدالناصر على الإتحاد السوفيتي لتدريب الجنود والضباط في الجيش المصري على الأسلحة الجديدة وعلي الرغم من السرية الشديدة التي أحاطت بأول صفقة سلاح سوفيتية تصل إلى مصر تسرب الخبر ووصل إلى إسرائيل مما جعل المشير الراحل يعتقد أن ذلك كان بداية تفكير إسرائيل في توجيه ضربة قوية ومؤثرة للقوات المسلحة المصرية لوأد تقدمها العسكرى ومن هنا كان قرار إسرائيل المشاركة مع بريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى