مقالات

معالم مصر التاريخية علي مر العصور بقلم المهندس/ طارق بدراوى ** مدينة تانيس **

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** مدينة تانيس **
مدينة تانيس هي حاليا مدينة صان الحجر وكانت إحدى قرى مركز الحسينية التابع لمحافظة الشرقية في جمهورية مصر العربية حتي عام 2006م حينما تحولت إلي مدينة بموجب قرار وزارى صدر في العام المذكور وبذلك أصبحت عاصمة المركز المعروف وبنفس الإسم وكانت مدينة صان الحجر قديما تسمي تانيس ويعتقد أن إسمها في التوراة كان صوعن كما ذكرت في الكتابات المصرية القديمة بإسم جعنت وهي تقع فى القسم الشمالى الشرقى لدلتا نهر النيل جنوب غرب بحيرة المنزلة على بعد حوالي 70 كم شمال شرق مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية وأبرز ما يميز صان كما يطلق عليه أهلها وأهالي المدن والقري المجاورة لها المزارع السمكية الكثيرة نظرا لأنها تطل علي الجانب الجنوب غربي من بحيرة المنزلة أكبر بحيرات مصرالشمالية فضلا عن مساحات الأراضي المزروعة بمحصول بنجر السكر وقد تأسست تانيس في أواخر عهد الأسرة العشرين وأصبحت عاصمة شمال مصر خلال عهد الأسرة الحادية والعشرين وكانت المدينة مسقط رأس سمندس مؤسس الأسرة الحادية والعشرين وخلال عهد الأسرة الثانية والعشرين ظلت تانيس عاصمة مصر السياسية وكانت المدينة ذات أهمية تجارية وإستراتيجية كبرى إلا أنها هجرت في القرن السادس الميلادي بعدما كانت مهددة بأن تغمرها مياه بحيرة المنزلة ومعني ذلك أن تاريخ تانيس يرجع إلى الدولة الحديثة وليس لها ذكر قبل ذلك وللأسف فقد تحولت المدينة القديمة الآن إلى أطلال وتحتل جزء من موقعها حالياً قرية يسكنها الصيادون الذين يعيشون علي مهنة صيد الأسماك من بحيرة المنزلة هذا وصان الحجرحاليا إلي جانب النشاط السياحي بها ونشاط صيد الأسماك فإنها تعتبر مدينة زراعية بعد ان أنشأ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بها شركة صان الحجر لإستصلاح الأراضي حيث أنشأت تلك الشركة فيها القرى وقامت بتوزيع الأراضى التى تم إستصلاحها على الفلاحين المقيمين بالمنطقة …….
وتنقسم قرية صان الحجر إلي صان الحجر البحرية وقد بلغ عدد سكانها حوالي 31 ألف نسمة وصان الحجر القبلية وقد بلغ عدد سكانها حوالي 43 ألف نسمة ليبلغ جملة سكان صان الحجر حوالي 74 ألف نسمة وذلك حسب الإحصاء الرسمي لعام 2006م ويجب علينا أن نفرق بين مدينة صان الحجر التي نتكلم عنها وبين مدينة صالحجر الواقعة على الذراع الغربي من نهر النيل علي فرع رشيد والتابعة لمركز بسيون فى محافظة الغربية في دلتا مصر والتي كانت تسمى لدى الفراعنة صاو وسماها الإغريق سايس والتي يعود تاريخها إلى حوالي 4000 سنة قبل الميلاد ومما يقال عن مدينة صان الحجر إنها المدينة التي ولد فيها نبي الله سيدنا موسى عليه السلام وتربى في قصر فرعون ومنها خرج إلي مدين هاربا بعد قتله أحد الرعية ثم مكث في مدين بضع سنين وتزوج فيها ثم عاد إلي مصر مرة أخرى وفي أثناء عودته أبلغه الله سبحانه وتعالى بالرسالة وهو في طور سيناء ثم بلغ الرسالة إلي قومه وإلي فرعون مصر وخرج منها مرة أخرى بعد أن رفض فرعون الإيمان برب موسى وقام بقتل السحرة الذين آمنوا به وخرج وراءه هو وجنوده فأغرقهم الله سبحانه وتعالي في اليم بينما نجا سيدنا موسي وقومه .

 


وكانت لتانيس أهمية عظيمة فى التاريخ وذلك لإنتماء وإنتساب مجموعة من الفراعنة الأقوياء إليها والذين تعاقبوا عليها وترك كل واحد منهم بصماته على المدينة من خلال الأعمال المعمارية أو التماثيل الرائعة التى أمروا ببنائها ونحتها ولبضعة قرون كانت تانيس واحدة من أكبر المدن فى الدلتا وكانت فى وقت ما عاصمة لملوك مصر من الهكسوس خلال القرن القرن السابع عشر قبل الميلاد وأيضاً لملوك الأسرة الـتاسعة عشر كما كانت محل ميلاد حكام الأسرة الـحادية والعشرين والأسرة الـثالثة والعشرين وتمتد تانيس على مساحة 4 كم مربع تقريبا ولم يتم التنقيب عن الاثار بها إلا فى جزء من هذه المساحة والآثار التى تم إكتشافها بها ترجع إلى عصور مختلفة تمتد من عهد الملك بيبى الأول والذى وجد له هرم بجبانة سقارة والذى يبدأ من حوالى عام 2330 ق.م وحتى وقت البطالمة فى القرن الأول قبل الميلاد وقد تم إكتشاف بحيرات مقدسة وأساسات العديد من المعابد وجبانة ملكية والعديد من التماثيل والنقوش وعدد من أنقاض المعابد بما في ذلك معبد كان مكرسا لعبادة الإله آمون وبعض المقابر الملكية من الفترة الإنتقالية الثالثة ومنها مقابر الفراعنة بسوسنس الأول وأمينيموبي وشوشنق الثاني والتي نجت من النهب من لصوص المقابر طوال العصور القديمة والتي إكتشفها عالم المصريات الفرنسي بيير مونيه خلال عام 1939م وعام 1940م في عهد الملك فاروق وكانت تحتوي على كمية كبيرة من الذهب والمجوهرات واللازورد والأحجار الكريمة الأخرى بما في ذلك الأقنعة الجنائزية لهؤلاء الملوك كما توجد بقايا لمعبد شيده الملك أوسركون الأول وهو إبن الملك شوشنق الأول من زوجته الرئيسية وأوسركون الأول كان ثاني ملك لمصر من الأسرة رقم 22 وحكم خلال الفترة من حوالي عام 922 ق.م وحتي عام 887 ق.م وقد خلف والده شوشنق الأول الذي توفي غالبا بعد حوالي من سنتين إلي ثلاث سنوات من حملته الناجحة التي قام بها عام 925 ق.م ضد مملكتي Israel وJudah وقد تميز عهده بالعديد من مشاريع تشييد المعابد وكان عهداً طويلا مزدهرا في تاريخ مصر إمتد حوالي 35 عاما وجدير بالذكر أنه قد أقيمت بتلك المنطقة إستراحة ملكية صغيرة للملك فاروق في وقت تلك الإكتشافات حيث كان مهتما بمتابعتها وكان يزور المنطقة للتعرف علي سيرها بين حين وآخر وللأسف فقد تم إهمالها وهي الآن علي وشك السقوط والإنهيار وأيضا قد تم إكتشاف بحيرتين مقدستين بتلك المنطقة الأولى فى عام 1928م في عهد الملك فؤاد الأول والثانيه عام 2009م وفي عام 1988م تم إفتتاح متحف صان الحجر الأثرى وهو متحف صغير عبارة عن صالة وحيدة تعرض فيها العديد من المقتنيات التي عثر عليها في المدينة متمثلة في قطع فخارية وأوانٍ حجرية إضافة إلى بعض التمائمَ وبعض الحلي القديمة وتعرض أيضا في المتحف تماثيل لأشخاص وفيه بعض التوابيت القديمة وأيضا لوحاتٍ جنائزية إضافة إلى بعض القطع التي تشير لفن العمارة القديمة والزخرفة ويعرض أيضا أكوابا نادرة تعود إلى عهد الفراعنة كما توجد الكثير من آثار مدينة تانيس معروضة في المتحف المصرى بميدان التحرير بمدبنة القاهرة .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى