مقالات

معالم مصر التاريخية علي مر العصوريكتبها: المهندس” طارق بدراوى”** محمية علبة **

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** محمية علبة **
محمية علبة الطبيعية أو جبل علبة هي منطقة توجد في الركن الجنوبي الشرقي من مثلث حلايب المصرى وهي من أهم وأكبر المحميات الطبيعية المصرية وتبلغ مساحتها 35.6 كم مربع وتقع بين خط عرض 22 وخط عرض 23.30 وبين خط طول 34.5 وخط طول37 وتحوى المحمية العديد من الموارد الطبيعية والبشرية والثقافية ما بين حياة برية ونباتات طبية وإقتصادية وقبائل محلية وثقافات وآثار فرعونية ورسومات قديمة بالإضافة إلى الثروات الجيولوجية والمعدنية والموارد المائية من آبار وعيون للمياه العذبة كما يثريها البحر الأحمر بثروات بحرية كبيرة من شعاب مرجانية وحشائش بحرية وكائنات بحرية نادرة بالإضافة إلى العديد من جزر البحر الأحمر في نطاق حدود المحمية والتي تحوى السلاحف البحرية وأنواع عديدة من الطيور النادرة المقيمة والمهاجرة وأنواع من أشجار المانجروف ذات القيمة البيئية والإقتصادية الكبيرة وقد أوجد الموقع الجغرافى لمحمية علبة مناخا جافا إلى شبه جاف بمناطق المحمية وهي بموقعها تعتبر منطقة إلتقاء وإمتزاج للعديد من البيئات الجغرافية الحيوية في شمال أفريقيا حيث تمثل إرتباطا بين بيئة المنطقة المدارية في الجنوب بالمناخ المعتدل شمالا ويعمل البحر الأحمر على ربط مناخ المنطقة المدارية للمحيط الهندي جنوبا والمنطقة المعتدلة للبحر المتوسط شمالا كما تمثل محمية علبة إمتدادا طبيعيا لمنطقة المرتفعات الأثيوبية من الجنوب إلى الشمال كما أن التركيب الجيولوجى والطبوغرافى لمنطقة المحمية يؤثر بشكل كبير على تعدد البيئات بها وعلى توزيع النباتات بالمحمية وخصوصا توزيع أنواع الأكاشيا حيث نجد أن الشكل الطبوغرافى للمنطقة قد قسمها إلى عدد 4 مناطق بيئية تتميز كل منها بشكل وبيئة معينة وتلك البيئات هي بيئة السباخات الساحلية وبيئة السهل الساحلى وبيئة السهل الصحراوى وبيئة المنحدرات الجبلية ……
وتتكون المحمية من ثلاث قطاعات أولها قطاع منطقة أبرق وهي تعتبر منطقة من أهم المناطق داخل المحمية لما تتميز به من أهمية تاريخية لما مرت به من عصور فرعونية ورومانية وإسلامية وهي تشمل العديد من الوديان ومنها وديان العرقة وعيقات والجاهلية والأمريت وقمبيت وأبو سعفة وتحوى العديد من النباتات والتي تكون نباتات طبية في أغلبها كما أنها تمثل موطنا لحيوانات برية كثيرة منها الغزال والوبر والتيتل التي تتواجد بكثرة في منطقة أبو سعفة ويوجد بتلك المنطقة آثارما بين نقوش جدارية من عصور ما قبل التاريخ وآثار فرعونية في منطقة أبو سعفة وقلاع رومانية قديمة أعلى جبل أبرق والعرقة بجانب ضريح الشيخ حميد الذي يقام له مولد سنوى إحتفالا بذكرى وفاته كما يتركز بمنطقة أبرق الكثير من السكان المحليين من قبائل العبابدة ويتجمع أغلبهم في مناطق العرقة وأبرق وخصوصا في قرية أبرق بجوار جبال أبرق حيث توجد بعض العيون والآبار العذبة مما يعطى المنطقة تراثا سكانيا كمورد من موارد المحمية ووادى أبو سعفة من الوديان ذات القيمة التاريخية بالمحمية حيث يحوى آثار فرعونية قديمة تتمثل في بوابة منحوتة في صخور جبال أبو سعفة وتسمى ببوابة الماء Aqua door والتي يعود تاريخها إلى العصور الفرعونية القديمة حيث تحوى بعض النقوش الفرعونية القديمة مما يدل على تواجد قديم للإنسان الفرعونى القديم في تلك المناطق ويحتوى وادى أبو سعفة على واحة نخيل كبيرة أسفل سفح جبل أبو سعفة والتي تواجدت في المنطقة منذ القدم خصوصا مع إنبثاق بعض مجارى المياه من جبال أبو سعفة وتكوينها لعيون مياه طبيعية في الوادى والتي تعطى الوادى قيمة طبيعية بجانب قيمته وأهميته التاريخية ويظهر علاقة قوية بين الطبيعة وتاريخ المنطقة …..
والقطاع الثاني من قطاعات المحمية هو قطاع منطقة الدئيب ويمتد بين خطى طول 35 غربا حتى 36 شرقا وخطى عرض 23 شمالا حتى 22 جنوبا وهو مجرى واسع طويل يمتد بطول حوالي اكثرمن 100 كم جنوبا من السودان حيث يخترق الحدود المصرية السودانية في المنطقة الغربية لسلاسل جبال علبة ويجرى بإتجاه الشمال الشرقي حتى يصب إلى ساحل البحر الأحمر شرقا في منطقة مصب مروحية واسعة مكونة مروحة كبيرة تسمى منطقة الأدليب ويتميزالوادى بأنه ذو تربة طينية رملية ملحية في أغلب مناطقه تتميز بكثافة كبيرة نوعا ما وتوجد به أنواع من النباتات منها العشار والأدليب والأكاشيا والشوش والسكران وشجر الغزال والكثير من الحوليات مثل التاويلة …..
اما القطاع الثالث من قطاعات المحمية فهو قطاع منطقة جبل علبة أوجبال علبة وهي عبارة عن مجموعة من السلاسل الجبلية المواجهة للساحل الشرقي للبحر الأحمر تتواجد فى مواجهة تيارات الهواء والسحب المحملة بالرطوبة والتي يتم إصطيادها فوق قمم تلك الجبال فتسقط الأمطار مما يؤدى إلي نمو عدد يصل إلى حوالي 350 نوع نباتي فوق منحدرات وقمم جبل علبة وفي مجارى الوديان المخترقة له مكونة لوحات خضراء بديعة المنظر ومن تلك الأنواع نباتات حولية وأخرى دائمة ومن أهم النباتات التي تنمو فوق قمم جبال علبة أشجار الأنبط التي يتميز بها جبل علبة وهي من العلامات المميزة له حيث يختص جبل علبة بتواجدها به دون أي منطقة أخرى وهي أشجار خشبية ذات أوراق طويلة لحمية خضراء ويصل طول الشجرة منها من 3 إلي 6 أمتاروتوجد كما أسلفنا فوق قمم جبال علبة بوديان أكاو وعيديب حيث بيئة قمم جبال علبة التي تتميز بنسبة رطوبة مناسبة لنموها ….. 
وتوجد أيضا بمحمية علبة غابات المانجروف الساحلية ومجموعة من جزر البحر الأحمر وللحياة البحرية بمحمية علبة طابع مميز فتلك الحياة تشمل العديد من البيئات والكائنات التي تتنوع وتكيف معيشتها تبعا لتلك البيئات فالمنطقة البحرية تشمل بيئة جزر البحر الأحمر والتي تشمل جزر السيال والزبرجد وحلايب وبيئة الشعاب المرجانية والتي تعيش بها الكثير من الأسماك والكائنات البحرية وبيئة المياه الضحلة بما تتميز به من نمو لأشجار المانجروف والتي تكون غابات ساحلية بطول شريط الساحل في مناطق متعددة من محمية علبة وبيئة السباخات والمناطق الملحية والتي تنمو بها العديد من النباتات التي توجد في تلك التربة الساحلية الملحية كما تمثل موطن وأعشاش السلاحف البحرية التي توجد بتلك المنطقة ويمكن تقسيم المنطقة إلى منطقة السباخات الساحلية ومنطقة السهل الساحلى ومنطقة المنحدرات الجبلية …..
وجيومورفولوجية منطقة محمية علبة تعتبر منطقة محمية علبة من المناطق الوعرة فيما عدا السهل الساحلى الذي يتراوح عرضه من 15 كم إلى 25 كم وتصل الإرتفاعات فيه إلى حوالي 1500 متر فوق مستوى سطح البحر في المناطق الوسطى مثل جبل مشبح وجبل أبو حديد وتنحدر المنطقة عموما جهة البحر شرقا ويتخللها وديان رئيسية كثيرة مثل وادى حوضين ووادى الدئيب وتتوافق الوديان الرئيسية عموما مع الاتجاه التركيبى السائد في المنطقة وكذلك تتحكم التراكيب الجيولوجية في كثير من الوديان الفرعية خصوصا في مناطق صخور القاعدة وتنقسم المنطقة جيومورفولوجيا إلى ساحل البحر الأحمر والسهل الساحلى والمنطقة الجبلية أما ساحل البحر الأحمر فهو ساحل يتميز بأنه غير منتظم إذ يبدأ من الشمال عند رأس بناس جنوبي مرسي علم وينتهى في الجنوب عند رأس حدربه ويشتمل الساحل على كثير من الخلجان والمراسى ويحاط كله تقريبا بمصاطب حجريه خشنة من الشعاب المرجانية التي تشكل شواطئ مرتفعة في العديد من المناطق ويحاط شاطئ الشعاب المرجانية من الخارج بحزام من السبخات يسير بمحاذاة الساحل كله أما السهل الساحلى فهو سهل تكون نتيجة للصدوع التي سببها البحر في المصاطب الحجرية المطلة عليه وتغطيه في معظم الأجزاء المصاطب الوديانية والمراوح الغرينية عند نهايات الأودية كما تظهر بعض الصخور في صورة تلال متناثرة قليلة الإرتفاع كما تخترقه الأودية في إتجاه البحر وينحدر السهل الساحلى من أسفل سلاسل الجبال العالية بالمنطقة إلى شاطئ البحر بدرجات معتدلة ويغطى السهل الساحلى بالرمال والغرين والحصباء الهابطة من الجبال وتعتمد تلك النباتات في نموها على مياه المطار الموسمية التي تهطل ويتم إستيعاب أغلبها في التربة التي تغطى السهول أما المناطق الجبلية فهي تمثل الكتلة النارية والمتحولة لجنوب الصحراء الشرقية وتتميز بوعورة التضاريس عموما والإرتفاعات الكبيرة نسبيا وكثرة الوديان ومن ناحية التضاريس فإن سلاسل الجبال كما هو الحال في بقية الصحراء الشرقية تعتبر هي المكونة عموما لخط تقسيم المياه والتي تنحدر في إتجاه البحر الأحمر من الناحية الشرقية لتلك السلاسل ويمر خط تقسيم المياه هذا فوق سلاسل الجبال العالية الأكثر قربا من ساحل البحر ومن ثم تكون ممرات تصريف المياه من جهة الشرق لهذا الخط أكثر إنحدارا وأقصر طولا حيث تصب في إتجاه البحر وتشمل ممرات التصريف التي تصب في البحر الأحمر العديد من الوديان الرئيسية منها وادى معرفاى ووادى الرحبة ووادى حوضين وهو وادى كبير يصب ماءه في البحر ووادى شعيب ووادى أبب ووادى عديب ووادى سرمتاى ووادى ميركوان ووادى شلال وغيرها من الوديان كما أنه يوجد أودية كثيرة لها أهمية كبيرة وهي موجودة بالمنطقة الغربية وضمن نطاق المحمية والتي تصب مياهها في الوديان السابقة وهي وادى الفقع ووادى ديف ووادى ماضي ووادى الجمال …..
هذا وتنقسم منطقة محمية علبة إلى سلاسل جبلية رئيسية منها سلسلة جبال علبة شنديب حيث ترتفع قمة جبل شنديب حوالي 1912 م فوق مستوى سطح البحر وجبل علبة إلى 1436 م ومن أهم جبال هذه السلسلة والتي تعد من أعلي جبال مصر جبل الفرايد ويرتفع 1234 م وجبل حرحجيت ويرتفع 542 م وجبل الحوضين ويرتفع 716 م وجبل زرقة النعام ويرتفع 823 م وجبل أبو ضهر ويرتفع 1124 م وجبل أم الطيور الفوقانى ويرتفع 777 م وجبل النقروب الفوقانى ويرتفع 1078 م وجبل أبو حديد ويرتفع 1486 م وجبل أراريب ويرتفع 1273 م وجبل الصول حامد ويرتفع 599 م وجبل قاش عامر ويرتفع 724 م وجبل سواوريب ويرتفع 1383 م وجبل شلال ويرتفع 1409 م وجبل حنقوف ويرتفع 1430 م كما يشغل هذه المنطقة سلسلة من التلال التي تتكون من صخور القاعدة والصخور الرسوبية يتراوح عرضها ما بين 2 إلي 3 كم ويتخللها العديد من الوديان الصغيرة المتجهة ناحية البحر من شمال هذه السلسلة ومن جنوبها ويمكن تقسيم مجموعة الوديان حسب إتجاهها إلى مجموعة الوديان الشمالية الغربية التي تجرى بإتجاه الشمال الشرقي وهي وديان يويدر وأكومترى وحصحصيت وأوهدل وأم قيرات ومجموعة الوديان الوسطية التي تجرى بإتجاه الشرق وهي وديان عيديب ويهميب وكنسيسروب وأكاو وداروينا وسرارة سرمتاى وسرارة أوسير ومجموعة الوديان الجنوبية وهي وادى الشلال ووادى فروكيت ……
وتتميز محمية علبة بالتنوع البيولوجى حيث تشمل العديد من البيئات منها الشعاب المرجانية والجزر وغابات المانجروف والسبخات والمستنقعات الملحية الساحلية والكثبان الرملية والسهول الساحلية والوديان إلي جانب بيئة مرتفعات جبل علبة ونظرا لتعدد الوديان التي تخترق المحمية فقد وفر ذلك العديد من البيئات التي توطنت بها أنواع عديدة من الحيوانات البرية تبلغ 23 نوع من الثدييات والتي يعتبر عدد كبير منها مهدد بالإنقراض مثل الغزلان والتياتل والكبش الأروى والوبر وقط الرمال والنمر الأفريقي والكثير من الزواحف والطيور من أهمها النسر الإفريقى الذي ينتشر بالمحمية وأيضا داخل مدينة الشلاتين حول مناطق تجمع الإبل النافقة مما يخلق منظومة برية متنوعة تضيف إلى محمية علبة أهمية بيئية كبيرة بجانب روعة الموقع كما تحوى المحمية حوالي عدد 40 نوع من الزواحف وعدد 173 نوع من الطيور البحرية والصحراوية وبعض من من البرمائيات كما يوجد بالمحمية نوعين من نبات المانجروف وتنتشر في مساحات كبيرة في عشرة مواقع بالمحمية إلي جانب مجموعة كبيرة من اللافقاريات البحرية بالجزء البحرى والذي يمثل جزء من بيئة البحر الأحمر ويصل عددها إلي حوالي 2441 نوع علاوة علي بيئة الشعاب المرجانية حيث يوجد ما يقرب من 123 نوع تم تسجيلها من الشعاب الرخوة والصلبة في المنطقة الساحلية البحرية للبحر الأحمر كما توجد أنواع عديدة من السلاحف البحرية المهددة بالإنقراض بالمحمية …..
وبخصوص التنوع النباتي بالمحمية فهو يتميز بالغني والثراء فنجدها تحوى بسلاسل جبالها حوالي 350 نوعا نباتيا كما تتميز المحمية بوجود مناطق تنوع بيئية بها فنجد بها منطقة ممثلة لبيئة المناطق الإستوائية الأفريقية وبالأخص في مناطق الجنوب وبها أيضا منطقة ممثلة لبيئة مناطق المرتفعات الأثيوبية وهي مناطق شبه جافة متواجدة في الجانب الشمالي الشرقي من المحمية وبها أيضا بيئة ممثلة لبيئة منطقة الصحراء العربية كما في المنطقتين الغربية والشمالية من المحمية وأخيرا بيئة ممثلة لبيئة مناطق إيران وفلسطين وبيئة ممثلة للبيئة الآسيوية بالمنطقتين الساحلية والشرقية بالمحمية وبيئة ممثلة للمناطق الإستوائية في مناطق قليلة كما في بعض أنحاء المنطقة الغربية من المحمية ……
ولنباتات المحمية أهمية إقتصادية كبيرة ويرجع ذلك إلى التنوع النباتى الهائل التي تحويه جبال ووديان الصحراء الشرقية بوجه عام وكذلك إلى الأنواع النباتية نفسها الموجودة بتلك المناطق والتي تنمو على العناصر المعدنية الموجودة بجبال الصحراء الشرقية نظرا لما تتميز به تلك الجبال من إحتوائها على العديد من المعادن المغذية لتلك النباتات والتي تكون في أغلبها نباتات حولية سنوية تعتمد في دورة حياتها على مياه الأمطار بينما يوجد العديد من النباتات الدائمة القادرة على تحمل فترات جفاف قاسية في مناطق نموها ولنباتات محمية علبة الطبيعية أهمية إقتصادية كبيرة ويرجع ذلك إلى التنوع النباتي الهائل التي تحويه جبال ووديان المحمية والبيئات المختلفة للنباتات بالمنطقة مما أوجد الكثير من الأنواع النباتية ذات الأهمية الإقتصادية ومنها نباتات الأخشاب ومنها السيال والسمر والعشاروالقرض ونباتات الوقود وإنتاج الفحم النباتى ومنها السيال والسمر ونباتات الرعى ومنها الفيقوع والشوش ومايط- الارى وشجرة الغزال والموكر والهوك والجتيا ونباتات الغذاء للسكان المحليين ومنها الحجل وشاى الجبل وبلح السكر ونباتات ذات إستخدامات أخرى منها العشار والمرخ للحصول على الألياف والحنظل والصبار لإستخراج الزيوت النباتية .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى