مقالات

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور يكتبها: المهندس” طارق بدراوى” ** محمية نبق **

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** محمية نبق **
محمية نبق أعلنت كمحمية طبيعية في عام 1992م ومساحتها حوالي 600 كم مربع منها حوالي 440 كم مربع في اليابس بالإضافة إلى 130 كم مربع في النطاق المائي وتقع هذه المحمية على خليج العقبة في المنطقة ما بين مدينتي شرم الشيخ ودهب ووادي أم عدوي في جنوب سيناء وتبعد المحمية 35 كيلو متر شمال مدينة شرم الشيخ أى تقريبا في منتصف المسافة بينها وبين مدينة دهب وفي أواخر عام 2010م تم إستخدام المحمية كشواطى آمنة للسياح لممارسة رياضة السباحة والغوص عقب هجوم أسماك القرش الشهير على شواطى شرم الشيخ وتتمتع محمية نبق بتعدد الأنظمة البيئية بها حيث نجدها تشمل بيئة مائية بيئة وبيئة صحراوية جبلية تتخللها وديان غنية بنباتات طبيعية تمثل نظاما نباتيا متميزا وخاصة في منطقة وادى كيد يشمل عدد 134 نوعا من النباتات من بينها 86 نوعا معمرا إندثرت تماما من أماكن تواجدها الأخرى علي نطاق العالم وجارى دراسة كيفية تنميتها والإكثار منها في محمية نبق أهمها نبات المانجروف المعروف بإسم نبات الشورى والذى تعتبر محمية نبق هي آخر مناطق الإمتداد الإستوائي لنموه حيث توجد تجمعاته علي مستوى العالم في المحيط الهندى والبحر الأحمر فقط وتعيش أشجاره في المياه المالحة أو قليلة الملوحة وخاصة عند مصبات السيول وهذا النبات يمكنه إستخلاص المياه العذبة والتخلص من الملح من خلال أوراقه التي يظهر علي أسفلها طبقة من الملح مما يجعله يؤدى دورا بالغ الأهمية في الحفاظ على نقاء المياه ويقوم هذا النبات أيضا بدور بالغ الأهمية في تثبيت التربة والحفاظ علي الخطوط الساحلية كما يساعد في بقاء وثبات الترسبات كما أن غابات المانجروف تعد بيئة صالحة ومناسبة جدا لتكاثر اللافقاريات والأسماك إلى جانب أنه من الأماكن التي تفضلها الطيور المهاجرة كمستوطنات لها هذا ويبلغ أقصى ارتفاع لأشجاره إلى حوالي 5 أمتار وبالإضافة إلي أشجار المانجروف نجد أن المحمية بها أكبر تجمع لأشجار الآراك بمصر التي تتميز بنظام جذري إلتفافي يعمل على تثبيت الكثبان الرملية ويستخدم البدو أفرعه كـمسواك لتنظيف الأسنان ……
وتضم المحمية إلي جانب بيئة النظام النباتي المتميز بيئة نظام مائي يحتوى علي الكثير من المحاريات والأسماك الملونة النادرة والشعاب المرجانية لذا فهي منطقة جذب لهواة الغوص والسباحة هذا وتشتهر مياه نبق بإسم منطقة الغرقانة حيث توجد بالمنطقة سفينة غارقة منذ زمن بغيد ماتزال بقاياها موجودة حتي اليوم وهي منطقة سياحية أمام جزيرة تيران التي تقع في مياه نبق وتوجد بها أجمل شعاب مرجانية وأسماك ملونة نادرة ومجموعة كبيرة من اللافقاريات والمحاريات والقشريات وتشمل المحمية أيضا منظومة حياة برية على أرضها غنية وثرية جدا ولذا سيجد الزائر بين جبالها ووديانها الكثير من الثعالب والإبل النوبي والتياتل والغزلان والوبر والوعل وأنوع كثيرة من الزواحف النادرة والعديد من أنواع القوارض كما تهاجر إليها أنواع عديدة ومتنوعة من الطيور مثل العقاب النسارية والخواضات وطائر البلشون كما تعيش بالمنطقة بعض قبائل بدو جنوب سيناء وتعتبر المنطقة ذات جذب سياحى لهواة الغوص والسفارى ومراقبة الحيوانات والطيور ……
وفي واقع الأمر لن يجد الزائر لجنوب سيناء صحراء بتلك الروعة التي يراها أثناء زيارته لمحمية نبق لكن يجب ملاحظة أنه على زائر المحمية التقيد ببعض الشروط حتى يستطيع قضاء عطلته بسلام وأهم هذه الشروط الإلتزام بالمسارات المحددة لسير السيارات وهذا لأن الأرض هشة فلا يمكن البعد عن الطرق المحددة لخطورة الوضع وكذلك عدم الغطس أو السباحة بعد غروب الشمس وتجنب محاولات نقل قطع من الشعب المرجانية فهذا يهدد الحياة بالمحمية إلي جانب عدم التعرض للكائنات الحية في المكان بالصيد أو النقل أو الإزعاج وعدم دفن أي مخلفات في أرض المحمية فهذا يتسبب في حدوث تغييرات في طبيعة المحمية ثم الحرص على نظافة المحمية وهذا يشمل المياه والهواء والتربة وزائر المحمية يمكنه الإختيار بين سفاري السيارات الجيب أو الموتوسيكل والأجمل منهما سفارى الجمال سفن الصحراء وذلك ليمكنه التعرف جيدا علي المحمية والتمتع بزيارته لها وبمحمية نبق تتنوع مفردات الإقامة في الفنادق على حسب ميزانية كل فرد فعلى طول الشاطئ تنتشر الفنادق التي تتراوح ما بين خمس وثلاث نجوم حتى تناسب جميع الميزانيات كما يمكن للزائر أن يسأل على رحلات جميع الفنادق حتى وإن كان غير نزيل بها ليختار منها ما يتناسب مع ميوله وميزانيته فمن المعتاد أن تنظم الفنادق رحلات إلى المناطق المجاورة مثل نويبع وطابا ودير وجبل سانت كاترين اللذين يعتبران أحد أكثر الأماكن السياحية شهرة حول العالم ومصدر جذب لكل زائري المنطقة وفي وسط الطريق توجد كنيسة صغيرة للقديس ستيفانو حيث يقبع الدير في قلب وادي الدير وهو حصن عالٍ له مدخلان المدخل الرئيسي في الشمال والآخر يوجد في جهة الشرق وهو صغير جدا حتى أن الداخل إليه لا بد وأن ينحني عند الدخول وكأنه شيد لهذا السبب وبمجرد الدخول تلفت الإنتباه صورة وثيقة معلقة على الحائط على يمين الداخل من الباب وبها توقيع لنابليون بونابرت والذي يقول فيه إنه قام بترميم الدير وأعطى الرهبان وثيقة أمان منه وهناك وثيقة أخرى إختلفت أقاويل المؤرخين حولها لكن معظمها يصب في أنها من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل الدير كما يستطيع السائح أن ينظم رحلة مع أصدقائه إلى إحدى المناطق السياحية التي تتناثر حول نبق وهذا بعد اطلاعه على خريطة نبق التي يمكن توفيرها من مكاتب العلاقات العامة في أي فندق والتي توضح أهم المناطق التي يمكن زيارتها ولكن يجب أن يكون مع الزائر مرشد من أبناء سيناء حتى لا يضل الطريق وهذه المهنة يعمل بها معظم بدو سيناء فهم يعرفون جميع مداخل ومخارج نبق ويجيدون أكثر من لغة ليسهل لهم التعامل مع السياح الأجانب …..
وللأسف الشديد فقد تعرضت محمية نبق الطبيعية بشرم الشيخ إلى التلوث بسبب تصريف إحدى القرى الواقعة في نطاقها لمياه الصرف الصحي في الجبل دون أدنى إهتمام من قِبَل المسؤولين بأبعاد هذه المشكلة ومدى تأثيرها الضار والمدمر علي المحمية وطالب سكان القرية بسرعة إتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد المسؤولين بالقرية نظرا لعدم إهتمام ملاكها بتنفيذ محطة لمعالجة مياه الصرف بها مما ساهم في حدوث تلوث بيئي بنطاق محمية نبق الطبيعية الأمر الذى أدى إلي إنتشار برك تملأها مياه الصرف الصحي بالمحمية فضلا عن تجمع الحشرات الضارة الطائرة والزاحفة على تلك المياه مما أثر بالسلب على بيئة المحمية وأدي إلى تفاقم الأزمة الأمر الذى يستلزم سرعة أن تتحرك وزارة البيئة وإدارة المحمية وهيئة التنمية السياحية ومجلس المدينة لزوم سرعة حل هذه المشكلة جذريا كما أكد عدد من رواد محمية نبق بشرم الشيخ وجود مبان وأكشاك من الخشب والصفيح تطل على خليج العقبة مباشرة تقع في نطاق المحمية يقوم ساكنوها بفرض إتاوات على زوار المحمية بحجة أن أى زائر للمحمية يجب أن يطلب طعاما أو مشروبات بشكل اجبارى خلال فترة تواجده بها وبالطبع فإن هذا الوضع غير قانوني وغير مطلوب من الزائر غير أن يدفع قيمة رسوم تذكرة دخول المحمية فقط لكنه ليس ملزما بدفع أي أموال أخرى إضافية لأى شخص رغما عنه وبسؤال المسؤولين في المنطقة أفادوا بأن هذه العشش والأكشاك المكونة من طابق واحد ليست عششا عشوائية بل هي محل إقامة السكان المحليين بالمحمية وأن الحفاظ على أي محمية جزء لا يتجزأ من الحفاظ على سكانها المحليين بل وتطويرهم وتنمية مهاراتهم بإعتبارهم جزء أساسي لا يتجزأ من نسيج المحمية وأنه جارى تنظيم وتطوير تلك المباني التي يسكنها سكان المنطقة وإضفاء الشكل الجمالي عليها بما يتناسب مع وضعها كمنطقة سياحية يرتادها العديد من المصريين والأجانب من جميع أنحاء العالم ……
وفي حقيقة الأمر فإن المشكلة الرئيسة في مسألة المحميات الطبيعية التي تمتلك مصر منها عددا كبيرا يميزها عن أى دولة أخرى في العالم تتمثل في جهل المستخدمين للموارد الطبيعية في مصر بأهمية هذه الموارد كما أنه لا توجد جهة أو هيئة أو منظمة واحدة تقع علي مسؤوليتها مهمة التعامل مع المشكلات البيئية في أى محمية بل نجد أن منطقة أى محمية تتوزع فيها المسؤولية بين جهات عديدة كوزارة البيئة وهيئة التنمية السياحية ومجالس المدن ولذا فلابد من تضافر جميع الجهود بين الهيئات الحكومية ممثلة في وزارة البيئة وهيئة الثروة السمكية والقيادات الأمنية مثل حرس الحدود وشرطة البيئة والجهات المجتمعية ممثلة في الجمعيات الأهلية ومراكز الغوص أو نقابة الغواصين بالإضافة إلى جمعيات الصيادين من أجل أى مشاكل بيئية أو إدارية أو أمنية داخل المحميات مع تعزيز نظم الإدارة والتمويل بالمحميات الطبيعية بوجه عام ومنها محميات جنوب سيناء وهي رأس محمد ونبق وأبو جالوم وسانت كاترين وطابا والتي تشهد حاليًا أعمال تطوير بتكلفة نحو 12.5 مليون جنيه مما سيوفر ما يقرب من 4 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة عند نهاية خطة التطوير والذى يهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية والتراث الثقافي وتطوير النظم الإدارية والمؤسسية بشبكة المحميات الطبيعية ويذكر أن أهم أعمال التطوير التي تمت حاليا هي إنشاء سقالة عملاقة بمحمية نبق بطول 40 متر وعرض 2.5 متر مصنعة من أفضل الخامات العالمية ومظلة بمساحة 200 متر وهذا التطوير ساهم بشكل كبير في إنتشار سياحة المحميات وجذب الزائرين وترويج الاستثمار بالمنطقة وقد تم بالفعل إنتهاء جزء كبير من الإنشاءات الخاصة بالتطوير منها السقالة والمظلة المشار إليهما ويوجد جزء آخر ضمن خطة التطوير المستهدفة جارى العمل به حاليا ومن المنتظر الإنتهاء منه قريبا بمشيئة الله تعالي .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى