مقالات

كنوز أم الدنياسلسلةعلي مر العصوريكتبها: المهندس “طارق بدراوى”** سبيل وكتاب خسرو باشا *

 كنوز أم الدنيا
سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
** سبيل وكتاب خسرو باشا **
أنشأ هذا السبيل والكتاب الذي يعلوه خسرو باشا الوالي العثماني على مصر في الفترة من عام 941 هجرية حتي عام 943 هجرية الموافق عام 1535م حتي عام 1537م وكان السلطان العثماني سليمان الأول إبن السلطان سليم الأول قد إستدعى والي مصر سليمان باشا الخصي إلى الآستانة عاصمة الخلافة العثمانية وكلفه بقيادة حملة عسكرية عثمانية وأناب عنه في حكم مصر في غيابه خسرو باشا الذي ظل نائبا للوالي نحو سنة وعشرة أشهر بنى خلالها هذا السبيل وفي شهر رجب عام 943 هجرية الموافق شهر يناير عام 1537م إنتهت مهمة خسرو باشا حيث عاد سليمان باشا الخصي وتولى حكم مصر مرة اخرى ويقع سبيل وكتاب خسرو باشا في شارع المعز لدين الله الفاطمي أمام مجموعة السلطان قلاوون ويجاور الناحية الجنوبية لبروز ضريح الصالح نجم الدين أيوب بالجماليّة ويعتبر أقدم الأسبلة العثمانية الباقية بمدينة القاهرة ورغم إنشاء هذا السبيل في العصر العثماني إلا إنه يعد إمتدادا للنموذج المحلي المصري في تخطيط الأسبلة والذى كان سائدا في العصر المملوكي وهو مستقل وغير ملحق بأبنية أخرى .
وللسبيل واجهتان مطلتان على الشارع هما الواجهة الشمالية الغربية والواجهة الشمالية الشرقية ويتوج كل منهما من أعلى شريط ممتد يحتوى على نص كتابى تأسيسي للسبيل والكتاب بالخط الثلث يشمل إسم منشئه وتاريخ الإنشاء ونصه أمر بإنشاء هذا السبيل المبرور إغتنام الثواب والأجور فى أيام مولانا الإمام الشريف ظل الله الوريف الخنكار الأعظم مالك رقاب الأمم ملك ملوك العرب والعجم السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان بن السلطان بايزيد منشئ هذا السبيل ولانا الباشا الأعظم والكافل المفخم مدير مصالح الأمم ناظم مناظم العالم خسرو باشا كافل الديار المصرية والأقطار الحجازية غفر الله له ولمن دعا له بالمغفرة بمحمد وآله وكان الفراغ من ذلك فى شهر جمادى الآخرة سنة إثنان وأربعين وتسعمائة من الهجرة النبوية ويتكون السبيل من حجرة مستطيلة مقاسها 5.7 متر في 3.7 متر يوجد في الضلع الشمالي الغربي منها دخلة مستطيلة إتساعها 2 متر وعمقها 60 سم وبها شباكا تسبيل يطل الشباك الأول على شارع المعز في الجهة الجنوبية الغربية ويطل الشباك الآخر على الجهة الشمالية الشرقية حيث الإيوان الشمالي الغربي للمدرسة الصالحية وكل من الشباكين مغشى بمصبعات من النحاس وفي مقدمة كل شباك من الخارج يوجد رف من الرخام يرتكز على ثلاثة كوابيل من الحجر كان مخصصا لوضع طاسات وكيزان الشرب ويتم الدخول حاليا إلي السبيل من ممر خلفها حيث كان للسبيل والكتاب كتلة مدخل تقع على شارع النحاسين بالجهة الغربية من الواجهة الشمالية الغربية كان فيها مدخل مستقل لكل من السبيل والكتاب الا أن هذين المدخلين قد إندثرا الآن وحل محلهما دكان لبيع النحاس ويتم الدخول حاليا الى السبيل من باب في الطرف الجنوبي من الضلع الجنوبي الغربي لحجرة التسبيل ويتم الوصول إليه من خلال الممر المشار إليه الذى يقع خلف محلات بيع النحاس وحجرة التسبيل مفروشة من الداخل برخام ملون على هيئة تقسيمات هندسية بديعة مكونة من مستطيلات ومربعات ودوائر ومعينات ومثلثات ويقابل الشباكين من الداخل دخلات رأسية ثلاث في كل جهة كانت الدخلة الوسطى من كل منهما تسمي الشاذروان وبها لوح من الرخام يسمي السلسبيل وهو موضوع في وضع مائل وعليه زخرفة نباتية بارزة ويعلوه حوض ينساب منه الماء على وجهه ليتجمع في حوض أسفله ثم في قنوات من الرصاص الى أحواض الشرب والدخلتان الجانبيتان مخصصتان لحفظ أدوات السبيل والسقف يتكون من خشب مسطح يرتكز على براطيم من الخشب وبه زخارف ونقوش ملونة كما يوجد صرة مفصصة فى الوسط ويرتكز السقف على إزار خشبى عريض به كتابات بخط النسخ على أرضية نباتية نصها بسم الله الرحمن الرحيم ثم آية الكرسى ثم صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم سيدنا محمد .
أما الكتاب والذى يعلو السبيل فيتم الوصول إليه عن طريق سلم حديدي حديث قامت بتركيبه لجنة حفظ الآثار العربية عام 1909م وحجرة الكتاب تأخذ نفس تخطيط حجرة السبيل وتمتد واجهته الشمالية الغربية بإمتداد واجهة السبيل وتطل هذه الواجهة والواجهة الأخرى للكتاب على الخارج بعقدين متجاورين علي شكل حدوة الفرس يرتكزان على دعامة في الوسط ونجد فى الجزء السفلى من الواجهتين درابزين من خشب الخرط كما يتوجهما رفرف خشبى يرتكز على كوابيل خشبية يتدلى من شراشيف على هيئة ورقة نباتية ثلاثية وترجع أهمية هذا السبيل الى أنه أقدم سبيل مستقل غير ملحق بمباني أخرى متبقى من العصر العثماني بالقاهرة ومن الملاحظ بل ومن الغريب أنه لم يرد ذكر لهذا السبيل عند جومار الذى كان مرافقا للحملة الفرنسية في كتابه وصف مدينة القاهرة كما لم يرد ذكره عند على مبارك في كتابه الخطط التوفيقية الجديدة ولا نعلم ما السبب في ذلك .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى