مقالات

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور يكتبها: المهندس” طارق بدراوى” ** المسرح القومي المصرى **

المسرح القومي المصرى هو أحد مسارح مدينة القاهرة ويقع في منطقة الأزبكية أحد أقدم مواقع القاهرة المملوكية والتي يرجع تاريخها إلي القرن الخامس عشر الميلادى وكان المماليك قد اتخذوها موقعا مختارا لإقامة القصور والسرايات وأماكن اللهو حول البركة التي كانت تتوسطها حينذاك ولما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798م بقيادة نابليون بونابرت شاهد فيها لاعبي خيال الظل المنتشرين بها فأمر بإقامة مسرح للترفيه عن جنوده بتلك المنطقة فلما تولي محمد علي باشا حكم مصر عام 1805م أمر بتجفيف البركة وإقامة حديقة عامة مكانها فلما تولى حفيده الخديوى إسماعيل حكم مصر عام 1863م كان من ضمن المنشآت التي أسسها بمناسبة حفل إفتتاح قناة السويس للملاحة عام 1869م ذلك المسرح والذى شغل الطرف الجنوبي من حديقة الأزبكية بالقرب من دار الأوبرا الخديوية والتي أسسها في نفس العام وقام بتخصيصه للمسرح الكوميدى الفرنسي المعروف بإسم الكوميدى فرانسيز وكان الهدف من بناء كل من دار الأوبرا وهذا المسرح هو استقبال ضيوفه من زوار مصر من العرب والأجانب خلال فترة الاحتفالات والمهرجانات الأسطورية التي أقامها بمناسبة إفتتاح قناة السويس للملاحة البحرية وقد تمت تسميته حينذاك تياترو الخديوى والخديوى المقصود بالطبع هو الخديوى إسماعيل ……
وفي عام 1885م شهد هذا المسرح أول موسم مسرحي في مصر وكان لفرقة الفنان الشورى أحمد أبو خليل القباني كما قدمت عليه فرقة إسكندر فرح عليه عروضها مابين عام 1891م وعام 1905م وكان الشيخ سلامة حجازى هو بطل تلك الفرقة وبعد ذلك وبداية من عام 1905م بدأ الشيخ سلامة حجازى يقدم عليه عروضه بفرقته الخاصة وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولي عام 1918م بدأت تسرى في مصر كلها الروح الوطنية للتخلص من الإحتلال الانجليزى وكان من مظاهر ذلك الدعوة إلي إنشاء مسرح مصرى وطني وبالفعل تأسس هذا المسرح الوطني عام 1921م في مبني مسرح تياترو الخديوى حيث بدأ يعرض 4 عروض مسرحية خلال اليوم وفي عام 1935م تم إنشاء الفرقة القومية المصرية بقيادة الشاعر خليل مطران لتقديم عروضها علي خشبة مسرح تياترو الخديوى إلا أنه تم حلها عام 1942م لتقديمها أعمال تندد بالإنجليز وتطالب بخروجهم نهائيا من مصر ……
ويعد مبني تياترو الخديوى والذى تم تسميته المسرح القومي المصرى بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م من المباني الأثرية ذات القيمة التاريخية ويتميز تصميمه الداخلي بروعة ديكوراته ودقة نقوشه وزخارفه وهيكله الأساسي يتكون من الخشب ويشمل قاعتين أولهما قاعة كبيرة تسمي قاعة جورج أبيض أحد رواد المسرح المصرى في أربعينيات القرن العشرين الماضي وثانيهما قاعة أصغر تحمل إسم المخرج والممثل المسرحي الكبير عبد الرحيم الزرقاني أحد رواد المسرح المصرى في ستينيات القرن العشرين الماضي إلى جانب قاعة أخرى مخصصة للملابس والمخازن وأجهزة الإضاءة والصوتيات ولمكاتب إدارة وخدمات هيئة المسرح ومما هو جدير بالذكر أن مبني هذا المسرح مدرج في خطة وزارة الثقافة في تطوير وتجديد وإصلاح العديد من المنشآت والمباني الأثرية في القاهرة الفاطمية والقاهرة المملوكية والقاهرة الخديوية وبالفعل تمت عملية تجديد وتطوير وإصلاح للمسرح القومي وتم افتتاحه عام 2015م …..
ويتبقي لنا أن نقول إنه بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م تم تأسيس فرقتين مسرحيتين هما الفرقة القومية المصرية وفرقة المسرح المصرى الحديث وفي فترة الخمسينيات ومرورا بالستينيات من القرن العشرين الماضى حدث رواج غير مسبوق في النشاط المسرحي في مصر بفضل كوكبة من كبار الكتاب والمؤلفين والمخرجين والممثلين المسرحيين دشنوا مرحلة جادة ومتميزة في التاريخ المسرحي في مصر وكان من هؤلاء الكتاب والمؤلفين الدكتور يوسف إدريس وسعد الدين وهبة ونعمان عاشور والفريد فرج ولطفي الخولي ورشاد رشدى ومن المخرجين عبد الرحيم الزرقاني وسعد اردش ونبيل الألفي وكرم مطاوع ومن الممثلين سيدة المسرح العربي سميحة أيوب وحمدى غيث وعبد الله غيث وشفيق نور الدين وحمدى أحمد ثم حدثت حركة ركود بعد ذلك وتم إغلاق المسرح لفترة ثم أعيد افتتاحه مرة أخرى عام 1986م وفي السنوات الاخيرة حدث نوع من الرواج مرة أخرى في النشاط المسرحي وتم تقديم عروض متميزة علي خشبة المسرح القومي علي يد باقة من كبار النجوم مثل العرض المسرحي أهلا يابكوات بطولة النجمين عزت العلايلي وحسين فهمي والعرض المسرحي الملك لير بطولة النجم يحيي الفخراني وفي العام الماضي 2015م وبعد إعادة إفتتاح المسرح القومي بعد تجديده وتطويره تم تقديم أوبريت ليلة من ألف ليلة علي خشبته بطولة النجم يحيى الفخراني ووصلت إيرادات الليلة الواحدة مايزيد عن 20 ألف جنيه وهو مايعد أكبر إيراد يتم تحقيقه في ليلة واحدة في تاريخ المسرح القومي منذ نشأته .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى