مقالات

سلسلة معالم مصر التاريخية علي مر العصور يكتبها المهندس” طارق بدراوى “** بيت السحيمي **

بيت السحيمي بيت عربي ذو طراز معمارى شرقي رائع وبديع يقع في قلب مدينة القاهرة الفاطمية في الدرب الأصغر في منطقة الجمالية والذى يتفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي وقد تم بناؤه عام 1058 هجرية الموافق عام 1648م وسمي بإسم آخر أصحابه الشيخ محمد بن أمين السحيمي باشا الحربي كبير قادة الجيش حينذاك وجمع في بنائه العديد من الفنون المعمارية الرائعة وقد ضمته الحكومة المصرية لقائمة الآثار المسجلة ويستغل حاليا كمتحف للعمارة العربية الشرقية الأصيلة ومركزا للإبداع الفني وتبلغ مساحته حوالي 2000 متر مربع وجدير بالذكر أن عائلة السحيمي تعد من أكبر العائلات المصرية ولها فروع في كل من القاهرة والإسكندرية والمنوفية …..
وينقسم البيت إلي قسمين هما القسم القبلي وهو الأقدم والذى تم بناؤه عام 1648م والقسم البحرى والذى تم بناؤه عام 1699م مع ربطه بالقسم الأول فيبدوان كبناء واحد وهذا البيت يعتبر نموذجا للبيوت العربية الشرقية التقليدية الأصيلة حيث الدخول إليه يتم من خلال ردهة تسمي المجاز وظيفتها حجب من بداخل البيت عن الداخلين إليه وهي تؤدى إلى الصحن الذى توجد به أحواض بها زراعات وزهور وأشجار وتفتح عليه غرف البيت كما يبدو بهذا البيت بوضوح تأثير العمارة العثمانية التي كانت تخصص الدور الأرضي بالكامل للرجال ويسمى السلاملك والدور العلوى للنساء ويسمى الحرملك ولذلك فإننا نجد كل الدور الأرضي ليس به أى غرف بل كله عبارة عن قاعات لإستقبال الضيوف من الرجال …..
وفي الدور الأرضي نجد بالقسم القبلي القديم قاعة واسعة منتظمة الشكل تنقسم إلى ايوانين يوجد بينهما مساحة منخفضة عنهما تسمي الدرقاعة أرضيتها مبلطة بالرخام الملون ويدور حول جدران الايوانين شريط من الكتابة عبارة عن أبيات شعر من قصيدة نهج البردة وسقف هذه القاعة مصنوع من الخشب المحلي برسومات وزخارف نباتية وهندسية ملونة وكانت تلك القاعة تستخدم كمجلس الرجال في الشتاء حيث يوجد أيضا بهذا القسم ايوان آخر مفتوح علي الصحن وواجهته بحرية ليستلم الهواء البارد صيفا ويسمى المقعد وله أيضا سقف خشبي مماثل لسقف القاعة وكان هذا المقعد يستخدم في إستقبال الرجال في خلال فصل الصيف …..
وفي القسم البحرى الجديد يوجد مجلس يشبه مثيله الذى في القسم القبلي أى مكون من ايوانين إلا أنهما أكبر حجما وبهما تفاصيل معمارية أدق وأكثر فخامة وفي وسط هذا المجلس حوض ماء من الرخام المذهب وبه فسقية علي هيئة شمعدان وبالقسم البحرى أيضا ايوان يعلوه مشربية مصنوعة من الخشب العزيزى وسقفه من الخشب وتتوسطه قبة صغيرة بها فتحات لدخول الهواء والضوء تسمي الشخشيخة مصنوعة هي الأخرى من الخشب ومزخرفة من الداخل ومغطاة بالجص من الخارج وفي هذا المجلس أكثر من تجويف بالجدران وضعت بها خزائن من الخشب المشغول بالنقوش الهندسية والنباتية الجميلة وملحق بالمجلس غرفة لقراءة القرآن فيها كرسي كبير من الخشب المشغول بدقة متناهية ويتدلي من سقفها مصباح من النحاس يضاء بالفتيل المغموس في الزيت ……
وإذا انتقلنا إلى الدور العلوى سنجد غرف العائلة بعضها يطل على الصحن والآخرى تطل علي الشارع وبتلك الغرف شبابيك كبيرة مغطاة بالمشربيات ومن تلك الغرف نجد غرفة في القسم البحرى كسيت جدرانها بالقيشاني الأزرق المزخرف بزخارف نباتية دقيقة وبها بعض أواني الطعام المصنوعة من الخزف والسيراميك الملون والمزخرف حيث كانت هذه هي غرفة إعداد الطعام أو المطبخ بلغة العصر وملحق بها غرفة صغيرة كانت تستخدم كمخزن للحبوب والزيوت وخلافه وفي البيت أيضا حمام تقليدى عبارة عن غرفة صغيرة حوائجهم مكسوة بالرخام الأبيض ولها سقف مقبب به فتحات مربعة ودائرية مغطاة بالزجاج الملون وبالحمام موقد لتسخين المياه وحوض منحوت من قطعة واحدة من الرخام المزخرف الجميل بالإضافة إلي خزان للماء …..
وأخيرا فلبيت السحيمي صحنان أولهما الصحن الأمامي وهو يعتبر حديقة مزروعة ويتوسطه مايسمي بالتختبوش وهو دكة خشبية مزينة بأشغال من خشب الخرط وفي هذا الصحن شجرتان مزروعتان منذ بناء البيت زيتونة وسدرة وثانيهما هو الصحن الخلفي وبه حوض ماء وساقية للرى وطاحونة حبوب تدار بواسطة الحيوانات وكان هذا الصحن مخصصا لخدمات البيت وكان في البيت 3 آبار يتم الحصول علي المياه اللازمة للشرب والطهي والنظافة منها وأيضا كان يتم ملء خزان الماء الموجود بالحمام منها أيضا .

المهندس طارق بدراوي شهاب الدين

زر الذهاب إلى الأعلى