شخصياتمحافظاتمقالات

جبرتي الدراما المصرية “محفوظ عبدالرحمن” يكتب عن اغتيال السويس

((( حكاوي السويس )))

عندما كتب جبرتى الدراما محفوظ عبدالرحمن عن اغتيال السويس

محفوظ: لم يخطر على بالى ان تحس مدينة بالظلم مثل السويس

سرقوا عيد السويس.. وصار قتالهم العدوان الصهيوني بلا معنى

السويس قدمت الكثير لمصر وآن لمصر الالتفات للسويس بنظرة

ملف من اعداد

هانى طاهر الجورنالجى

 

السويس.. المدينة التى تغنى بتاريخها العريق كل كاتب ومؤرخ، ..

لم تجد من التقدير الذي دعى  ابناءها الى الشكوى من حالة الاهمال التى تجدها من المسئولين.

وفى صحافتنا القديمة مقال بعنوان ناري (اغتيال السويس) لواحد من اكبر الكتاب الذي ارتبط اسمه بالكتابة عن التاريخ المصري، مثل السويس والتى وصفها الزعيم جمال عبدالناصر، بان ما من مدينة ارتبط اسمها بالتاريخ مثل السويس.

الكاتب هو الراحل “محفوظ عبدالرحمن”. جبرتي الدراما المصرية.

والذي ولد فى 11 يونيو عام 1941 وتوفي فى 19 اغسطس 2017.

ومؤلف روائع “بوابة الحلواني” باجزاءه الاربعة” وفيلم “ناصر 56”.

عمل في بداية مسترته لفترة في دار الوثائق التاريخية وذلك قبل ان يستقيل من وزارة الثقافة ليتفرغ للعمل الصحفى والكاتبة للسينما والتلفزيون.

 

والمقال الذي يحمل عنوانا ناريا (اغتيال السويس) لكاتب اسمه يخطف ابصار القارئ لمطالعته، جاء نشره بصحفية احتلت فى احدى الفترات مكانة بارزة وسط صحف المعارضة الورقية.

جريدة (العربي) لسان حال الحزب الناصري، والتي كانت تصدر اسبوعيا يوم الاحد، ثم تحولت ليومية، ومع انتشار الصحف المستقلة وقلة مبيعاتها عادت اسبوعية، ثم توقفت في الفترة الاخيرة عن الصدور، لنفقد في اوساط الصحافة صوت الدفاع عن الفقراء والمهمشين.

والمقال حمل تاريخ 17 ابريل 1995

بمقدمة مؤثرة عن السويس وحالها.. فيقول محفوظ فى مقالته:

جميعا في حلوقنا مرارة نشكو ونتكلم ونحكي وعما يعانيه الاخرون وعما يعانية الوطن.. ولكن كل ذلك كوم وما رايته في السويس كوم اخر، في قاعة المحاضرات في نادي فيصل الاجتماعي تحولت الندوة التى شاركنا فيها الى صراخ جماعي يعبر عن الام الجرح السويسي.

وبدا المكان اشبه ما يكون باحد مشاهد افلام ايزانشيتن.

ولم تكن هناك موسيقى تصويرية لكن السمسمية بنغماتها الفرحة لا تصلح، الانفاس مسموعة ونبضات القلب مسحوقة، ولم يصلح على بالي ان تحس مدينة الظلم كما تحسه السويس، حتى انه تعالى شهيق بكاء وتساءلت الم يأت مسئول ليسمع هؤلاء الناس؟. قد تكون مطالبهم معقولة، وهي فعلا معقولة، وقد يكون بالامكان تحقيقها. واذا كان السادة المسئولون على ارجلهم نقش الحنة، وليس لديهم القدرة على الذهاب الى السويس، او ارسال من ينوب عنهم، ان يرسلوا الدكتور احمد عكاشة.

………

انهم في حاجة لمن يسمعهم سماع طبيب نفسي، فالضيق تحول الى مرض نفسي جماعي وربما يحدث هذا لاول مرة في التاريخ، والمدهش ان مطالبهم تقرب الى الكرامة منها الى المطالب المادية، لقد سرقوا منهم عيدهم القومي، عيد مصر كلها، لكنهم استلبوه حتى من المحافظة، واحسوا ان قتالهم من شارع الى شارع، ومن بيت الى بيت، حتى اوقفوا العدوان الصهيوني، صار بلا معنى.

ان مدينة السويس خريطة كفاح، في كل شارع ذكرى لبطولة.. اطرافها بشر احيانا تراهم، لكن قد حطت عليهم الهموم، او مازاوا طلقة رصاص كالكابتن عدنان، انهم يتشبثون بالبطولة لكنهم يحسون ان العصر يبيع البطولة في سوق النخاسة.

كيف يكون وطني يحس بغضة هذة المرارة؟ لقد قدمت السويس الكثير الى مصر، وان لمصر ان تلتفت الى السويس ولو بنظرة.

تساءلوا اين نحن على شاشة التلفزيون؟. وقلت لهم ان هناك قناة مخصصة لمنطقة القناة وكنت اعرف ان تلك القنوات المحلية لم تستطع بعد ان ترسم لها خصوصيات المكان انها تحتاج الى رجال مثل حافظ عبدالوهاب الذي ابرز شخصية الاسكندرية، لكن هذا الهجوم الشديد من المواطنين على القناة الرابعة يحتاج الى دراسة ولو من المسئولين عنها، ليذهبوا الى جمهور السويس ويعرفوا اسباب غضبهم، فاذا كان لهذا الغضب ما يبرره ازالوا اسبابه، ولا اظن ان هناك قناة تليفزيونية في العالم تترفع على جمهورها.

……….

وفي موقع اخر من المقال يكمل “محفوظ” حديثة عن القناة الرابعه وموقفها من السويس: واقترح على القناة الرابعة ان تبحث عن المواهب وتقدمها، ليس بالطريقة التى تحدث الان في اكثر من مكان، بل باسلوب علمي جاد، انا لا اصدق ان شعبا مبدعا مثل الشعب المصري لا نجد فيه مثل هذا العدد من المبدعين المعترف بهم انهم عدد قليل جدا.

لقد كنت في السويس فى زيارة سابقة ورأيت طلفة لا يزيد عمهرها عن خمسة اعوام، هي جهاد ابنة الشاعر محمد التمساح، رأيتها وهي تلقي الشعر، ورأيت الفنان التشكيلي عاطف سالم، والممثل عبدالواحد العشري، ومواهب كثيرة تحتاج الى زكريا الحجاوى رحمه الله، ليعيد اكتشافها.

اذكر ان زكريا الحجاوي قد كتب مقالا ذكر فيه ثلاثة من افضل الشعراء، ولم يكن احد يعرفهم قبل مقاله هذا.

اين الباحثون عن المواهب في هذه التربة الثرية؟. انا متأكد ان القناة الرابعة تستطيع ان تقدم لمصر طاقات فنية عظيمة لو انها فتشت عنها فى السويس ثم رعتها بعد ذلك حتى تصل الى القمة.

………

وكما بدأ “محفوظ عبدالرحمن” مقالته بكلمات عظيمة عن السويس، يختمها بذات الكلام المؤثر عن السويس، فيقول: لا اظن اننا نمن على السويس عندما نهتم بها، هذه مدينة قيمة لها تاريخ طويل، اعظمة في حروب مصر الحديثة عندما قدمت بطولات لا تنسى وكيف تنسى وهي تسير على اقدمها في طرقات السويس.

ادركوها قبل ان تموت.

…………

موقف الكاتب “محفوظ عبدالرحمن” خلال زيارته للسويس وكتابته عن تهميشها وعدم الالتفات لمبدعيها ومواهبها، واحده من الحكايات التى شهدتها المدينة

منذ اكثر من عقدين من الزمان، وولعجب مازالت الظروف والمعاناة باقية، مشكلات معروفة ويأن منها المواطن السويسي، ومواهب تزخر بهم المدينة ولا تجد يدن العون من مسئول، او بمن بيديه الامر.

ورغم انتشار الكثير من قنوات الفضائيات، لكن مازال تسليط الضوء على مبدعى ومواهب السويس محدود، لدينا من فاز فى مسابقة عالمية في الافلام الروائية القصيرة، ومبدعين في الاخراج والفن والشعر والادب والابتكارات، ان وصلوا باعمالهم وابداعهم لافاق اكبر خارج المدينة فيكون بمجهود فردي، ولا يجدوا من يدعهم ويشجعهم على مواصلة اثرائهم الابداعي.

نعمل غالبا في دائرة مغلقة علينا داخل المدينة، فلا يصل اصواتنا وتجاربنا الفنية والادبية للخارج الا فى مرات محدودة، وويوجد بالمدينة من يمتلك بصفة شخصية صداقات واتصالات مع بعض المشاهير، لو بادروا  بدعوتهم لزيارة السويس سيختلف الامر كثيرا فى حركة توهجها التى نتمناها.

في حقبة الثمانينات كانت السويس لا تخلو من زيارة مشاهير الفن والادب، والتى سوف نذكرها لاحقا، انيس منصور وسمير الاسكندراني وصلاح منتصر وغيرهم كثيرون من القامات الكبيرة، حتى في عيد السويس يأتي رئيس الوزراء ومعة عدد غير قليل من الوزراء يحتفلون بعيدها ويفتتحون مشروعات متعددة.

الحكايات التى شهدتها السويس بتاريخها الاصيل في ازقتها وشوارعها وميادينها، لا تنتهي،

ففي كل لحظة تبقى حكايات السويس حاضره بقوة فى الوجدان المصري.

زر الذهاب إلى الأعلى