مقالات

د/ “محمود سطوحي” يكتب: سقوط نظرية “الكل في واحد” أو “البطل المنتظر” في كأس العالم

 

إنتهي زمن المعجزات…وإنهارت أحلام الشعب المصري قاطبة في أن يحقق نصرا مفاجئا علي مستوي لعبة كرة القدم بعد خسارتين متتاليتين من أورجواي وروسيا…
فلم تصبح اللعبة لعبة إنما معركة نحقق فيها شرفنا القومي أو العقائدي….كنا جميعا محملين بآمال كبار تجاهلت حتي مارأيناه من تواضع مستوي في المباريات التجريبية وقلنا ربما تكون خدعة من المدرب حتي لايظهر قوته الحقيقية…ولكن هل ٍسألنا أنفسنا إذا كانت اللعبة عندنا تطورت حقا لتفوق أو تنافس المستويات العالمية…بالقطع لم نفعل فكل همنا أن تأتي المعجزة في زمن إنتهت فيه المعجزات..
إنتهي الحدث ولكن يجب أن نتعلم الدرس فسلوكياتنا هي هي سواء علي مستوي الجد أم اللعب…فنحن متعطشين للنصر بسبب كثرة الإخفاقات….وكنا نريد أن تأتي اللحظة من خلال لعبة كرة القدم ونسينا أنها لعبة وإعتقدنا أنها معركة شرف…ولكي نحقق هذه المعجزة أردنا أن نستثمر نجاحات لاعب (محمد صلاح) وطبقنا نظرية الكل في واحد..بمعني أن يصبح هو البطل القومي علي المستوي العام وكابتن الفريق علي مستوي الملعب بحيث تكون مهمة اللاعبين الآخرين هي إيصال الكرة لهذا اللاعب وهو يقوم بعد ذلك بالتصرف…وقد تنجح هذه النظرية أحيانا ولكن مضارها أكثر من فوائدها…فشعور اللاعبين الآخرين أن دورهم ثانوي أو أقل أهمية يقتل فيهم روح الإبتكار والإبداع ويقتل فرصة وجود البديل الكفؤ….كما أن أي حدث يلم ببطل الفريق مثلما حدث في هذه الحالة يفقد الفريق أكثر من نصف قوته…
الكل في واحد شعار حي عشناه مع شخصية الزعيم عبد الناصر فوضعنا كل أملنا فيه فلما إنهزمنا في 1967 أحسسنا بالضياع وعندما تنحي لم نتحمل حياة تكون بغيره فأعدناه….نفس السلوك نشأ قبله مع سعد زغلول…..والكل طبقا لنظرية لعينة (الكل في واحد) ينظر فقط لشخص واحد يصب فيه أماله…..لماذا تلجأ شعوبنا لهذا السلوك ومتي نتحرر من هذا السلوك المرضي المبني علي الإتكالية والسلبية….فنطالب الغير بأن يحارب بإسمنا مقابل أن نضفي عليه إسم البطل المنقذ….العيب ليس في عبد الناصر أو في سعد زغلول ولكن فيمن زرع هذه الأفكار السلبية في رؤوسنا….
فالكل في واحد يختزل قوة الجميع في شخص واحد….ولا بد أن تنعكس هذه النظرية لتصبح الواحد في الكل….فبدلا من أن يخدم الجميع علي هذا الواحد مهما كانت عظمته…عليه هو أن يخدم علي الجميع حتي تتحول عناصر قوته إلي عناصر إبداعية في الآخرين….
علينا أن ندرك أن قوتنا لن تأتي من خلال أفراد معدودة نتوسم فيها شخصية البطل المنقذ ولكن أن يكون لنا جميعا دورا متشاركا متساويا ولن يتأتي ذلك إلا من خلال تعليم تربوي فائق الجودة يبني الإنسان القادر علي الفعل بدلا من الإنسان المستضعف الذي يبحث دائما عن البطل المنقذ..

د / محمود سطوحي

زر الذهاب إلى الأعلى