شخصيات

المؤرخ ” محمد حمدان “يكتب :بـ “عمار يا سويس” المثقف السوري” يحيي عارف “

 
ليس كل متعلم مثقف بينما كل مثقف لا بد أن يكون متعلما وكثير من علماء الاجتماع يؤكدون على ان المثقف هو الانسان الّذي يمتلك نصيباً من العلوم والمعارف الانسانية التي تؤثِّر ايجابيا في سلوكه ومن بين المثقفين السويسة المعلم يحي محمود عارف الملقب بــ ( يحيي سوريا ) ابن احد الاسر السوريه التي كانت قد جاءت إلي مصر عقب اتفاقية سايكس بيكو التي قامت بشكل سري في 16مايو 1916 بين فرنسا وبريطانيا وهي الاتفاقية المشؤومه والتي نصت على تقسيم منطقة المشرق العربي إلى مناطق نفوذ للقوتين
ولد يحي عارف في 26 نوفمبر عام 1940 وسط عائله منحدرة من مدينة حلب بسوريا وتربي في حي روض الفرج بجزيرة بدران في القاهرة وفيها عاش في كنف والدة التاجرالذي امتلك مصنعا للحلويات الشاميه . 
عاشت الأسرة الصغيرة في رغد إلي إن حدث لها انهيار مالى ادى إلي إفلاس الوالد ونزوجة الي السويس من اجل بدا تجارة جديد . 
في السويس عاش الوالد وأسرتة المكونة من ألام والأب والصبي يحيي وشقيقاه محمد وبدر في شارع النمسا يبيع الاب البسبوسة التي يصنعها علي عربه يد صغيرة وكانت قدرتة علي اجتذاب الزبائن كبيرة نظرا لمهارته العاليه في صناعه الحلويات الشاميه . 
وما إن زاد الطلب علي الشراء حتي صنع الابن ( يحي ) البالغ من العمر ثمانية عشر عاما لنفسة عربة بسبوسة جديدة اختار لها مكانا مميزا بالقرب من محل الخواجة ( كولماكس ) الجواهرجي في بداية شارع النمسا . 
ظل الابن والوالد يكدان في العمل حتي تفوق الابن وبات معروفا بين أهالي السويس واشتهر باسم ( يحيي سوريا ) وكان يفضل الجلوس أوقات فراغه مع الصفوة من مثقفي المدينة في تلك الفترة أمثال الأستاذ فتحي خليل الصحفي الذي اصبح فيما بعد رئيسا لتحرير مجله روزا اليوسف والأستاذ سيد الشوربجي الروائي السويسي المشهور والأستاذ يوسف فكرى الصحفي الذي اصبح فيما بعد رئيسا لتحرير مجله المصور الاسبوعيه فترة الخمسينات . 
كان بائع البسبوسة شابا مثقفا شكل مع اصدقائة وعيا اكتسب به ثقافة راقية حيث كان من ضمن المجموعة التي امتلكت رصيدا معرفيا كبيرا بقضايا المجتمع ومفردته الثقافة في الأدب والفلسفة والعلوم التقنية والبحثية فكان رحمه الله عليه واعي مثقف تعدى حدود اختصاصه كبائع بسبوسة فكان يتكلم في كافة القضايا التي تهم الجماهير وكانت ثقافته دائما تظهر في كلامه المنمق وحديثه مع من يتعامل معهم وظهرت شخصيته السوية في انتقائه ألألفاظ وفي لباسه الانيق ومظهره المنظم وسلوكه اليومي خاصة بعد افتتاحة اول مقهي ثقافي بدورين في السويس وحتي يكون قريبا من الناس كان رحمة الله علية يوفر لرواد مقهاه هذا كل انواع الجرائد والصحف اليومية لقرائتها بالمجان . 
كان يحيي عارف دائم السفر والترحال حيث زار بانتظام العديد من دول العالم زار معظم دول أوربا الغربية الشرقية حيث حط رحالة اياما في انجلترا وفرنسا واسبانيا ويوجوسلافيا وايطاليا ورومانيا وأوكرانيا وتشيكوسلوفاكياالبانيا وتركيا وما ان يعود إلي ارض الوطن حتي يحكي لرواد مقهاه كل مشاهداته في شوارع أوربا الواسعة وجمال نسائها وأشهر حلبات السيرك فيها وموسيقي الصعاليك بفرنسا وبهلوانات أوكرانيا وكنائس روما والفاتيكان وكانت اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي استخدمها في كل تلك الزيارات . 
زار رحمة الله علية اغلب بلدان العالم الثالث في شبه القارة الهندية علي نفقته الخاصة وظل هكذا طوال ثلاثين عاماً حتي لقب بــــــ ( ابن يطوطة السويسي ) وما إن عاد إلى السويس بعد مسيرة ترحال طويلة قرر إن يسرد حكاياتة ورحلاته في بلاد الدنيا بكتاب وثائقي ينشر علي حسابة ولكن الوقت لم يمهله حيث توفاة الله في الخامس من يونيه عام 2011 وهو في الثانيه والسبعين من عمره بعدما لحقته ازمه قلبيه . 
رحم الله ( ابن بطوطة ) صاحب مقهى ( نيو سوريا ) اشهر مقاهي السويس الذى استطاع أن يتعامل مع الناس تعاملاً سليماً.

الكاتب محمد حمدان

زر الذهاب إلى الأعلى