مقالات

* القضاء العرفي عند العرب * بقلم / عاطف عبد الوهاب

 

* تتكون هيئة المحكمة من ثلاثة قضاة العضو اليمين والعضو اليسار ورئيس المحكمة ويجب أن يكونوا من أهل الثقة والسمعة الطيبة، وأن يكونوا من الرجال فقط فضلا عن تمتعهم برجاحة العقل، والعدالة التى هى أساس الاختيار، والقدرة على الاجتهاد فى استخراج ما يتطابق مع الشرع من القرآن الكريم والسنة النبوية وأن يكون القاضى سليم الحواس ولديه الفصاحة والبينة والقدرة على السيطرة على المجلس أثناء نظر القضية، ومن الوظائف المعاونة للقضاة « قصَّاص الأثر» وهو يوازى الطب الشرعى الذى يعاون القضاء العادى وقصاص الأثر يكثر الاستعانة به فى قضايا السرقة والاعتداء على البدن وهى وظيفة ذات تراث بدوى صرف وبواسطته يستطيع أن يكوِّن القاضى عقيدته قبل إصدار الحكم حيث إنه يتتبع خطوات الجانى التى على الرمال – محيط عمله- ويفقد قدرته عندما تتصل الخطوات الرملية بالطرق الأسفلتية وكثر الاستعانة بقصاص الأثر من قبل وزارة الداخلية وبعض الجهات السيادية؛ لتتبع خط سير الجناة، ويحدد له القاضى أتعابا من الرُزقة نظير عمله الذى يبدأ مباشرة بعد ارتكاب الوقائع سالفة الذكر وأهمها تتبع خطوات السارق فى حالة الاعتداء على المنازل وسرقتها ومعرفة من البادئ بالعدوان فى حال الاعتداء بالضرب على أحد الأشخاص فهو يقوم بـ رفع البصمات من خلال التراب.

قضاة على المنصة

ينقسم القضاة وتتنوع اختصاصاتهم حسب القضايا المنظورة، فقاضى الدم يطلق عليه – مناقع الدم- ويتمتع بشهرة واسعة وكبيرة ويلجأ إليه جميع المتقاضين من المحافظات المختلفة لكونه صاحب خبرة عريضة فى الفصل فى تلك القضايا التى تعد من أخطر القضايا التى تواجه قاضى الدم لأنها من القضايا المعقدة والصعبة وتحتاج إلى خبرة سنوات عديدة مثلما يحدث مع قاضى الجنايات فى القضاء العالى، ودائما ما يُقضى فى أحكام الدماء بـ «الدية» وهى عبارة عن «مائة جمل» وعندما تكون

القضايا المعقدة والصعبة وتحتاج إلى خبرة سنوات عديدة مثلما يحدث مع قاضى الجنايات فى القضاء العالى، ودائما ما يُقضى فى أحكام الدماء بـ «الدية» وهى عبارة عن «مائة جمل» وعندما تكون الجريمة كبيرة يتم تغليظ الدية حسب رؤية القاضى وحسب شخصية القتيل ومكانته بين قومه أخذا فى الاعتبار الأسباب التى أدت إلى ارتكاب تلك الواقعة ومن أشهر قضاة الدم الذين التقيتهم وتحدثوا معى القاضى «سويلم أبوتسعة» بشمال سيناء ويتمتع بخبرة قضائية وصلت إلى 70 عاما رغم بلوغه الـ90 عاما، استطاع خلالها الحكم فى أخطر قضايا الدماء التى كادت تفجر الصراع بين عدة قبائل سيناوية..

القاضى المنشد

بينما قاضى «العِرض» ويطلق عليه «المُنشد» أو «الضريبى» فيختص بنظر كافة الفضايا التى تمثل اعتداءً على البيوت ومس الشرف بالأذى مثل قضايا السب والقذف وينظر قضايا الوثاقة وهى توازى «الرهن» وهى أخذ الإبل من مأمنها «خلسة» خوفا من ضياع حقوقهم عند المدين- أصحاب الإبل- وينظر الضريبى تلك القضايا وفى حال عدم رض الطرفين بأحكامه يحيل ملف الدعوى برمته إلى قاض أكثر اختصاصا يُطلق عليه «الزيادى» أو «الأحمدى» الذى يقضى بقضاء يرضى الطرفين حيث لا فصل ولا رد ولا استئناف فيه ومن أشهر قضاة العرض القاضى «عكاشة» الذى ينظر ما يقرب من 20 قضية خلال شهر واحد ويفصل فيها..

قاضى النساء

لا يخلو مجتمع البدو من «العقبى» الذى ينظر القضايا الخاصة بالنساء من مهور وطلاق وتعدٍ على الأعراض ويستطيع أن يصل فى تلك القضايا ببراعة منقطعة النظير ويكون حكمه نافذا بقوة القانون،

قاضى الديار

ومع تعدد المساحات والحدود كان قاضى « أهل الديار» الذى ينظر قضايا خاصة بحدود الاراضى الزراعية والمراعى والاراضى الموروثة وإثبات ملكيتها عن طريق الاستعانة بـ«أهل النسب» وهم الاشخاص الذين لهم معرفة وطيدة بأصحاب الأراضى ومن آلت إليه عن طريق الميراث او البيع او الشراء

فهم بمثابة «سجل عينى» وامتداد لمصلحة الشهر العقارى والتوثيق.

قاضى الإبل

تعد الابل ذات طبيعة خاصة فى المجتمعات البدوية وبمثابة ثروة قومية وتعد من الاشياء التى تكثر سرقتها ولكل قبيلة إبلها التى تميزها بعلامات مميزة مختلفة عن القبيلة الاخرى وأشهر هذه العلامات هى الكى بالنار فى الرأس أوالرقبة وتترك فى الصحراء دون مراقبة أصحابها وعندما يتم الاعتداء عليها او سرقتها يتم اللجوء إلى «السورمال» أو «الزيادى» وهو القاضى المتخصص فى نظر السرقة بوجه عام والإبل بوجه خاص، وتكون غرامة سرقة الإبل هى تعويض 40 ناقة لصاحب الناقة المعتدى عليها…

بداية سير الجلسة

تتفق جميع القضايا فى القضاء العرفى فى بداية موحدة من شمال مصر إلى جنوبها، حيث تبدأ الجلسة عند الملم الذى يبدأ بعرض القضية على الجميع ثم يتم استدعاء الطرفين لسماع حجة كل واحد منهما وهو ما يطلق عليه «تفتيش الكلام» ثم الاستعانة بالشهود لتأكيد صحة ووقائع أحد الطرفين، وبعد استماع الملم للأقوال «مدفون الحصى» يبدأ الملم فى توجيه المدعى عليه بتحديد 3 قضاة يسميهم لنظر القضية، ثم يحدد الملم 14 يوما لنظر القضية بعد ان يتم الاتفاق على ذلك فى بيت راعى الجلسة قبل ان تتم إحالتها إلى القضاة ويعتبر الملم فى هذه الحالة هو قاضى الإحالة الذى تقوم بدوره النيابة العامة..

أحكام نافذة

[dropcap]يبدأ عرض القضية على القضاة المتخصصين بعد استيفاء جميع الشروط فى نظر الدعوى وفى القضاة وعندها يبدأ القاضى بممارسة عمله مع الاستعانه باثنين من القضاة المعاونين له وتبدأ الجلسة على الأرض- أو فى خيمة كبيرة- وسط حشد من أبناء القبيلة يشاهدون وقائع الجلسة ولا يستطيع احد التكلم منهم إلا بإذن من القاضى الذى يدير الجلسة تشابها مع ما يحدث فى ساحات المحاكم المختلفة. [/dropcap]

زر الذهاب إلى الأعلى