مقالات

عاطف عبد الوهاب يكتب : □ مؤامرة بيع القدس □

عاطف عبد الوهاب يكتب عن رؤية المستشار خالد سلام المحلل السياسي المعروف

نشرت صحيفة نيويورك تايمز  سبق صحفي تحدثت فيه عن تفاصيل الزيارة الغامضة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى السعودية ليلتقي ولي العهد السعودي الشهر الماضي، والتي طرح فيها محمد بن سلمان خطة السعودية للسلام بين فلسطين وإسرائيل والمصير الذي تصل اليه مدينة القدس المحتلة . .. كتب التقرير ثلاثة من صحفييها المخضرمين، هم بيتر بيكر، كبير مراسليها في البيت الأبيض، وآن برناد، مديرة مكتبها في بيروت، وديفيد هالبفنجر، مدير مكتبها في القدس.وبحسب ما سرده المستشار خالد سلام الكاتب الصحفى والمحلل السياسي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك يقول :
يتطرق التقرير في البداية إلى مصادره والتي تنوعت بين مسؤولين فلسطينيين وعرب وأوروبيين وصلتهم رواية عباس عن اللقاء، وبحسب ما قالوا، فإن الخطة التي قدمها محمد بن سلمان تصب في مصلحة الإسرائيليين أكثر من أي خطة قد تقدمها الحكومة الأمريكية، وعلى الأغلب لن يقبل بها أي زعيم فلسطيني أبدًا لان فيها بيع للقضية الفلسطينة وللقدس المقدسة .
ابرز ماجاء في العرض المدعوم من قبل محمد بن سلمان انه سيحصل الفلسطينيون على دولتهم، لكن دون الأجزاء المجاورة لإسرائيل في الضفة، وبسيادة محدودة على أرضهم. كما ستبقى الغالبية العظمى من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي تعتبرها الأغلبية العظمى من الدول غير شرعية. لن يحظى الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لهم، ولا حق للعودة للاجئين الفلسطينيين أو أسلافهم.
ولهذا احتار العديدون في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، فهل كان ولي العهد السعودي يفعل هذا بناء على طلب ترامب وتقربًا من الولايات المتحدة؟ أم أنها كانت محاولة فردية للضغط على الفلسطينيين، أو لجعل أي عرض آخر يبدو عرضًا جيدًا. أو ربما ولمصلحته الخاصة، يسعى عباس – الذي تتراجع قوته السياسية في فلسطين – للإيحاء بأنه يتعرض لضغوط سعودية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء زيارته إلى الرياض.
حتى إن كانت هذه الشهادات منقوصة، فقد نالت مصداقية عند عدد كاف من اللاعبين المهمين في الشرق الأوسط لتفزع الفلسطينيين بشدة، وبدأت في إثارة الشكوك حول جهود ترامب، بحسب الصحيفة. والأهم من ذلك هو ما قاله مستشارون سياسيون بخصوص نية ترامب إلقاء خطاب يوم الأربعاء المقبل يعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل، رغم ادعاء الطرفين أحقيتهم فيها. ويقول محللون ومسؤولون إقليميون إن هذا الإعلان سيقضي على دور الوسيط المحايد نظريًا الذي تلعبه الولايات المتحدة.
يقول جوشوا رافل، المتحدث الرسمي للبيت الأبيض، لـ«نيويورك تايمز»: «هناك افتراضات وتخمينات مستمرة حول ما نعمل عليه الآن، وهذا التقرير من ضمنها. وهو لا يعكس الشكل الحالي للخطة التي نعمل عليها، أو المحادثات التي أجريناها مع اللاعبين الإقليميين». وفي رسالة إلكترونية، يقول السفير السعودي في واشنطن، الأمير خالد بن سلمان: «تبقى المملكة ملتزمة بتسوية مبنية على مبادرة السلام العربية المقدمة عام 2002، بما في ذلك أن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية التي تقام على حدود 1967. وما دون هذا فهو ادعاء خاطئ».
تضيف الصحيفة أن ترامب كان قد كلف صهره جاريد كوشنر بإتمام هذه الصفقة المثالية، على حد تعبيره، وساعده في هذا كبير مفاوضيه جيسون جرينبلات ومساعدون آخرون. وبعد عام من الرحلات التي استمع فيها للآراء في المنطقة، يعملون الآن على تطوير خطة شاملة، لكن تفاصيلها ما زالت سرية. وفي مؤتمر عن الشرق الأوسط عقد الأحد الماضي، قال كوشنر: «نعلم ما هي الخطة. يعلم الفلسطينيون ما دار في نقاشنا معهم، ويعلم الإسرائيليون ما دار في نقاشنا معهم». وكان لقاء محمد بن سلمان مع عباس قد عقد بعد مرور أقل من أسبوعين على لقاء كوشنر مع ولي العهد لمناقشة خطة السلام.
جاريد كوشنر أثناء زيارته إلى الرياض.
وبحسب الصحيفة، فإن العرض السعودي قد هز المنطقة التي تعاني بالفعل من صراعات عدة، كما فاجأ المسؤولين العرب والغربيين على حد سواء. وقد قال مسؤولون فلسطينيون في حركتي فتح وحماس إنهم يرون الخطة مهينة وغير مقبولة. ويقول القيادي البارز في حركة حماس حسن يوسف: «لو قبلت القيادة الفلسطينية بأي من هذا الكلام فإن الشعب لن يبقيهم في مناصبهم». ويذكر أن يوسف هو أيضًا أحد أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني.
ما زاد من صدمة الفلسطينيين، وطبقًا لحديث مسؤولين في فتح وحماس، وحديث مسؤول لبناني بارز، أن ولي العهد السعودي أخبر عباس بأنه حال رفضه لهذه الشروط سيتعرض لضغوط كي يقدم استقالته ويفسح المجال لبديل يوافق عليها». كما قال العديد من المسؤولين إن ولي العهد السعودي قد عرض أن يقدم دعمًا ماليًا ضخمًا للفلسطينيين، في إطار محاولته تجميل الاتفاقية، كما أنه ألمح لإمكانية دفع مبلغ مالي لعباس مباشرة، لكنه رفض بحسب حديثهم.
وكان السفير السعودي قد قال إن المملكة قدمت الدعم الكامل للقيادة الفلسطينية التي يتولى زعامتها عباس، وأنها «لم تتدخل في الشأن الداخلي للفلسطينيين، ولن تفعل». كما نفى نبيل أبو ردينة – المتحدث الرسمي باسم عباس – هذه الشهادات عن اجتماع الرياض والعرض السعودي، ووصفها بـ«الأخبار الملفقة» وأنها «غير حقيقية»، كما أضاف أن الفلسطينيين ما زالوا في انتظار العرض الرسمي من الولايات المتحدة.
لكن الصحيفة تؤكد أن النقاط الرئيسيّة في العرض السعودي قد أجمع عليها العديد من المسؤولين الذين علموا بالمحادثات بين عباس وابن سلمان، ومن بينهم حسن يوسف القيادي في حركة حماس، وأحمد طيبي العضو الفلسطيني في البرلمان الإسرائيلي، ومسؤول بارز في فتح، ومسؤول فلسطيني في لبنان، وسياسي لبناني، ومسؤولون غربيون، وآخرون.
أقلق الحديث عن الخطة بعض الحلفاء المقربين للولايات المتحدة والذين ينتظرون بشدة توضيح البيت الأبيض. إذ يقول أحد مستشاري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن مسؤولين فرنسيين قد سمعوا ببعض ما أتى في العرض السعودي، والذي بدا مشابهًا جدًا للعرض الذي بدأ به الإسرائيليون التفاوض، ولا يمكن أن يقبله الفلسطينيون. ويضيف أن فرنسا أخبرت الأمريكان أنهم إن أرادوا فتح النقاش فليفعلوا، لكن عليهم أن يتذكروا أن فرنسا ودولًا أخرى عديدة لها مصالح ومخاوف في المنطقة.
ما زاد من صدمة الفلسطينيين، وطبقًا لحديث مسؤولين في فتح وحماس، وحديث مسؤول لبناني بارز، أن ولي العهد السعودي أخبر عباس بأنه حال رفضه لهذه الشروط سيتعرض لضغوط كي يقدم استقالته.
ويقول المسؤول في فتح إن الرئيس عباس قد فزع من العرض وبدا عليه استياؤه. أما حسن يوسف القيادي في حماس فيقول إنهم أحبطوا لأن الرئيس الفلسطيني ومساعديه لم يكشفوا هذه الاقتراحات للعامة ويعلنوا رفضهم لها. ويضيف: «طالما بقوا صامتين تجاه الأمر فسنظل خائفين من أن يحدث أمر مشابه. وإن كان الرئيس الفلسطيني تلقى عرضًا كهذا فمن الضروري أن يعلن للشعب الفلسطيني أننا تلقينا عرضًا به 1 و2 و3 و4، ورفضنا هذا العرض».
ورغم أن العرض السعودي بعيد تمامًا عن الواقع – بحسب وصف الصحيفة – لكنه أفزع المسؤولين الفلسطيينين والعرب كونه يأتي في ظل التوازنات الجديدة في المنطقة والتي تحدث بشكل سريع.
يبلغ محمد بن سلمان من العمر 32 عامًا، بينما يبلغ جاريد كوشنر المقرب منه 36 عامًا، كلاهما يافعان ولا يملكان خبرة السياسة الخارجية، لكنهما يعتقدان أنهما إصلاحيان مبدعان قادران على كسر جمود التفكير القديم. وقد أوضح الأمير السعودي أن قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليست أهم أولوياته في المنطقة، رغم كونها محور السياسة العربية لعقود، بل إن الأولوية هي مواجهة إيران.
يعتقد مسؤولون ومحللون إقليميون أنه ربما يسعى لفرض التسوية على الفلسطينيين لتدعيم التعاون مع إسرائيل ضد إيران. كما يقول مسؤولون غربيون وإقليميون إن من الواضح أن هدف السعودية الأول حاليًا هو التطبيع مع إسرائيل، وهو ما سيكون أمرًا صعبًا إن ظلت القضية الفلسطينية نضالًا إقليميًّا. وليس للسعودية الآن أي علاقات رسمية مع إسرائيل، لكن أشيع مؤخرًا العديد من الأخبار عن تعاون سري أمني منذ سنوات.
تعثرت أغلب جهود محمد بن سلمان في السياسة الخارجية، ما يعكس ضعفًا في فهم توازنات المنطقة أو تعمده تجاهلها، بحسب مسؤولين ودبلوماسيين في المنطقة. وتقول الصحيفة إن خطوة حصار قطر، التي كان أحد أسبابها تقربها من إيران، جعلت قطر تضطر للتقرب من إيران. وفي الشهر الماضي، ضغط على رئيس الوزراء اللبناني للاستقالة من أجل عزل حزب الله، حليف إيران في لبنان، لكن مخططه أتى بعكس ما أراد، وظل الحريري في منصبه بل وربما أقوى مما كان عليه قبلها.
يعود التقرير للحديث عن عباس، فبعد مغادرته الرياض، بدأ عباس مهاتفة الزعماء السياسيين في المنطقة. ويقول مسؤول حكومي لبناني تلقى إحدى هذه المكالمات، إن أكثر ما فاجأه في مقترحات السعوديين كان أن الفلسطينيين يمكنهم أن يحصلوا على أبو ديس عاصمة لهم، وهي إحدى ضواحي القدس الشرقية، ويفصلها عن المدينة جزء من الجدار العازل الذي بنته إسرائيل. ويضيف المسؤول اللبناني أن أي عربي لن يقبل بخدعة كهذه، ولا يمكن أن يقدم هذا المقترح للفلسطينيين سوى شخص عديم الخبرة يحاول إرضاء الرئيس الأمريكي.
اطلع مسؤولان لبنانيان آخران على المحادثات بين عباس وابن سلمان، وقالا إنهما علما بأنه أمهل شهرين لقبول العرض وإلا فسيتعرض للضغط من أجل تقديم الاستقالة. ويقول مسؤول فلسطيني في لبنان إن إحدى الأفكار التي قدمها السعوديون كانت تعويض الفلسطينيين عن الأجزاء التي سيفقدونها من الضفة بإضافة جزء لقطاع غزة من شبه جزيرة سيناء المصرية، وهي الصحراء القاحلة التي انتشرت فيها مؤخرًا هجمات الجهاديين. ويقول مسؤول غربي إن مصر كانت قد رفضت الفكرة مسبقًا.
لكن الأخبار التي وردت يوم الجمعة الماضي، عن أن ترامب قد يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، تشير إلى أن الأفكار التي كانت غير معقولة تؤخذ الآن بجدية. ويناقض الاعتراف بالعاصمة الإسرائيلية في القدس – ولو حتى دون إنكار الحق الفلسطيني فيها – الإجماع الدولي الذي استمر عقودًا بأن أي تغيير في وضع القدس يجب أن يتم بمفاوضات.
ويقول المسؤلوون الفلسطينيون إن هذا سيهدد أي إمكانية لطرح حل الدولتين، ويمكن حتى أن يؤدي إلى انتفاضة فلسطينية جديدة. وقال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات في بيان له يوم الأحد الماضي، إن هذه الخطوة ستخلق «فوضى عالمية وعدم احترام للقوانين والمؤسسات الدولية»، وأضاف أن الولايات المتحدة ستتسبب في اشتعال المنطقة، وستحبط الساعين للسلام، و«ستصبح غير مؤهلة للعب أي دور في أي مبادرة لتحقيق السلام العادل والدائم».

زر الذهاب إلى الأعلى