¤ العملاق ¤ قصة من مذكرات 159 يوم خلف خطوط العدو يسردها : عاطف عبد الوهاب
عاطف عبد الوهاب يكتب :
قال الله تعالى في كتابه الكريم :
“ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون”
شاب عمل بالمخابرات المصرية تمكن من خداع العدو الصهيوني خلال حرب أكتوبر المجيدة وإستشهد قبل ساعة الصفر بعشر دقائق.
ترك لورثته مذكرات كتبها بخط يده سماها( 159 يوماً خلف خطوط العدو الإسرائيلي ).
إنه الشاب عبد الهادي السقا .. مواليد ايتاي البارود بمحافظة البحيرة 1949 .. تخرج من الكلية الحربية 1969 .. تم إختياره من بين كل دفعته للعمل في المخابرات الحربية والإستطلاع خلف خطوط العدو الصهيوني بسيناء وذلك لتميزه بين زملائه بالذكاء الشديد وقوة فراسته وقدرته علي التنكر .. وكانت أول عملية للبطل عبد الهادي السقا عندما تم تكليفه لتنفيذ مهمة إستطلاع في 23 مارس 1969 ، وبدأ البطل عبد الهادي السقا يجهز نفسه لتنفيذها ، وفي يوم السادس من شهر يونيو 1969 بعد مرور عامين علي النكسة قام البطل عبد الهادي السقا بعبور قناة السويس لتنفيذ مهمة إستطلاع في مؤخرة العدو الإسرائيلي بسيناء المحتلة أثناء حرب الإستنزاف ، وقام البطل عبد الهادي السقا بتنفيذ المهمة بنجاح باهر وبكل شجاعة وإقتدار لمدة 159 يوم وإنتهت المهمة في العاشر من نوفمبر 1969 ، وأثناء تنفيذ مهمته عاش في سيناء علي أنه شاب بدوي وساعده في ذلك تشبهه الشديد ببدو سيناء وعندما رآه بدو سيناء قالوا إنه يشبههم كثيرًا وكان ذلك أحد أسباب نجاح مهامه .. واستطاع البطل عبد الهادي السقا معرفة معلومات كثيرة وخطيرة عن معسكرات اليهود الإسرائيليين بسيناء وكافة أنواع أسلحتهم ومعداتهم ومطاراتهم وأسماء قادة المعسكرات والكتائب ومواعيد إجازات الظباط والجنود اليهود الإسرائيليين مما ساعد قوات الصاعقة المصرية بعمل اكمنة لاتوبيسات وسيارات نقل الظباط والجنود اليهود وتفجير أكثر من معسكر ومطار إسرائيلي في سيناء بعد أن أرسل لهم البطل عبد الهادي السقا الخرائط والرسومات والصور التفصيلية والتوضيحية للمعسكرات والمطارات الإسرائيلية في سيناء .. وكانت تلك العملية والمهمة المخابراتية التي قام بها البطل عبد الهادي السقا من ضمن مهام الإعداد لحرب أكتوبر 1973 بعد أن إستطاع البطل عبد الهادي السقا الحصول علي معلومات مهمة وخطيرة وسرية عن الجيش الإسرائيلي في سيناء منها معلومات عن المطارات الإسرائيلية بسيناء وأنواع الطائرات وعددها بكل مطار بالإضافة إلي معلومات عن عدد المعسكرات والالوية والكتائب الإسرائيلية في سيناء وعدد الجنود والضباط بكل معسكر وأرقام تفصيلية عن كافة أنواع الأسلحة والذخائر والمعدات والدبابات وقواعد الصواريخ وأنواعها بالإضافة إلي مجموعة صور من الوثائق والمحفوظات والمراسلات التي كانت بين القادة الإسرائيليين بسيناء والقيادة السياسية والعسكرية بتل أبيب والتي كانت لها الأثر الأكبر في دعم القوات المسلحة المصرية والقيادة السياسية والعسكرية المصرية بالمعلومات اللازمة عن الجيش الإسرائيلي أثناء حرب الإستنزاف وحرب أكتوبر .. وكان اللقاء الأخير للبطل عبد الهادي السقا قبل حرب أكتوبر بأسبوع وقبل إستشهاده في أول يوم من الحرب وتحديدًا في يوم 29 سبتمبر 1973 كان آخر لقاء للشهيد البطل عبد الهادي السقا مع أسرته في بلدته وقال لوالدته إن لديه إمتحانًا صعبا للترقي وطلب منها الدعاء له ولمصر .. وجاءت ساعة الصفر وبدأت قواتنا المسلحة المصرية عبور قناة السويس في 6 أكتوبر 1973 ، وأثناء عبور الطائرات الهليكوبتر التي كانت ضمن مجموعات الإستطلاع المصرية خلف خطوط الجيش الإسرائيلي في سيناء ومجموعات الصاعقة المصرية ، وعلي مسافة 10 كم شرق القناة وفي عمق سيناء إعترضتهم طائرة فانتوم إسرائيلية وأطلقت صاروخًا علي الطائرة الهليكوبتر التي كانت تقل البطل النقيب عبد الهادي السقا ليستشهد هو ومجموعته علي الفور قبل حرب أكتوبر ب 10 دقائق ليكون البطل النقيب عبد الهادي السقا أول شهيد في كتيبة الإستطلاع ، وتمت ترقيته بعد إستشهاده لرتبة رائد شهيد .. وفي 22 مارس 1974 تم نقل جثمان الشهيد البطل الرائد عبد الهادي السقا عن طريق تبادل الشهداء مع الجانب الإسرائيلي بعد وقف إطلاق النار ودفن في مقابر شهداء الجيش الثاني الميداني بالتل الكبير ، وفي 24 نوفمبر 1974 قامت أسرته بنقل جثمانه إلي مدافن الأسرة دون الإنتظار لجنازة عسكرية .. وكانت جنازته مهيبة لم تشهد محافظة البحيرة مثلها في أعداد الذين حضروها *****