مقالات

* بنو إسرائيل أشرفوا على النهاية * بقلم : عاطف عبد الوهاب

قال الله تعالى :

(ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6))

آية كريمة نزلت في كتاب الله عز وجل لتنذر أبناء القردة والخنازير( إسرائيل ) بأن  نهايتهم قربت ودنت…

ولكن هنا نأتي لنقطة هامة ومحورية لم تأخذ حقها في التدبر والتفسير،

واقتصر  القول فيها على الفهم السريع لمفسري الآية والتي فسروها بقيام كيانهم الحالي على حساب الفلسطينيين،

لكنني أرى من الآية غير هذا، الله سبحانه وتعالى يقول: (ثم) وهى تفيد التراخي في الزمن، ويقول سبحانه وتعالى:

(رددنا لكم الكرة عليهم)!

والتي أمعنت فيها التفكير طويلا، وكل من قام بتفسير تلك الآيات الكريمات استدل على أنها تعني عودة بنو إسرائيل إلى فلسطين، لكن بعد تأمل طويل عرفت أن الآية لا تعني هذا المعنى،

بل تشير إلى معنى آخر، فماذا لو قلت لك إن أحمد ضرب محمود، ثم رد له محمود الصاع، ماذا ستفهم من تلك العبارة الأخيرة؟

هل تفهم أن محمود ضرب شخص آخر غير أحمد!! بل ستفهم أنه ضرب أحمد، إذن الآية التي قبلها تحدثت عن غزو العراقيين بقيادة نبوخذ نصر لبني إسرائيل (وللتأكيد على أن هذه هي الحادثة المقصودة في القرآن فان مسجد سليمان عليه السلام لم يهدم إلا في هذا الغزو حيث ترد آية أخرى فيما بعد سنتحدث عنها تتحدث عن دخولهم وتدميرهم للمسجد)،

إذن فالمنطقي والذي يجب علينا فهمه عندما يقول الله سبحانه (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) إنها تعني رد الكرة على العراقيين وليس على الفلسطينيين أو المسلمين! ولو كان المقصود بها الفلسطينيون فأين هم سابقا في الآيات من بني إسرائيل لكي ترد عليهم الكرة، ولو كان المقصود بها جماعة المؤمنين أو المسلمين لقال الله ثم رددنا لهم الكرة عليكم! وهو مالم يحدث وما يؤكد تلك الفرضية قوله تعالى في آية لاحقة:

(وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ)

وهذه هي المرة الوحيدة التي تم تدمير فيها مسجد سليمان! ومن دمره كان العراقيون البابليون بقيادة نبوخذ نصر والله هنا في تلك الآية يقول وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة أي إنهم هم من دخلوه في المرة الأولى وهم من سيدخله في المرة الثانية، وسيكون بنفس طريقة الدخول الأولى مدمرين له.
الآيات إذن تتحدث عن فريقين، هما العراقيون وبنو إسرائيل.

دمر العراقيون مملكة يهوذا لبني إسرائيل، وبعد عودة نشأة إسرائيل قامت بالرد عليهم فدمرت بلدهم أيضا ولم تكن غزوا عسكريا عاديا للمبررات تحدث عنها الأمريكان لإيجاد أسلحة الدمار الشامل ثم عندما لم يجدوها ادعوا أنها لحرب القاعدة! فالحرب كانت بشعة بحق لتدمير العراق والقضاء على أية بارقة أمل في مستقبله حيث قتلت العلماء ولاحقتهم أو أخذتهم لبلاد أخرى في الغرب يستفيدون منهم، وفككت الجيش، وقضت على الوثائق، وسرقت الآثار، وضيعت الشعب وجعلته شيعا يقتل بعضهم بعضا، وأوقعت بينهم العداوة، ونهبت الثروات، وأعادت هذا البلد إلى العصور الحجرية، ويقول طارق عزيز: إن أمريكا وانجلترا دمرت العراق لصالح إسرائيل، وما يؤكد تلك الفرضية أنه تعالى قال

(وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا)

ولم يقل أكثر أولادا وأموالا! فإسرائيل استنفرت العالم كله في حربها على العراق حتى الدول الإسلامية التي تشترك مع العراق في الدين واللغة والتاريخ والهوية وقفت بجانب إسرائيل في تلك الحرب وهو ما لم يحدث في حرب 1948 بفلسطين، أي أن الاستنفار هنا كان أقوى والحصار كان أبشع لسنوات عديدة ذاق خلالها الشعب العراقي ويلات نقص الغذاء والدواء والمؤن.
تلك الرؤية للآيات تغير الكثير من المفاهيم حول نهاية بني إسرائيل وحول واقعنا ومستقبلنا، هي أولاَ تعرفنا بموقعنا الحالي من الصراع، كما تعرفنا بأطراف الصراع، فنحن نعيش في المرحلة الثانية، وبعد هزيمة العراق، وهو ما يعني أننا نعيش عصر قمة مجد وانتصار وعلو وفساد بني إسرائيل، ولم ينتقل القرآن للمرحلة الثالثة من الصراع مباشرة إذ قال الله تعالى :

(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)

وهو ما يطلق عليه نشوة النصر! مما يعني بوجود مرحلة زمنية يمكن فيها لبني إسرائيل مراجعة أنفسهم للإحسان والعودة عن الفساد، ولأن الله عز وجل يعلم بعلمه المسبق أنهم لن يفعلوا، فقد انتقل للمرحلة الثالثة ليخبرنا عنها بصيغة مختلفة عن الصيغ السابقة.
البعض قد يعترض على أن الكيان الإسرائيلي دولة، ويعترض على أن هؤلاء الذين احتلوا فلسطين ودمروا العراق هم بنو إسرائيل الحقيقيين اللذين تشتتوا في الأرض،

كفى ما يحدث ومايقال وكفى بالآيات التي أنزلها الله وعلينا الإلتزام بها فإن الله تعالى أعلى وأعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى