أدب و فن

((اتفضلي يا بنتي)).. قصة قصيرة بقلم / نسرين مرسي

اتفضلي يا بنتي .. قصة قصيرة1

في رحلتي اليومية للعودة من عملي، الشمس في كبد السماء على أشدها، كأنما أرسلت لنا جهنم نفحة من صهدها، حينها تمنيت لو حملتني قوى سحرية من مكاني، وقذفتني أمام باب منزلي لأتقي ذلك اليوم القائظ. هاربة من عذاب الحَرور الذي يكسو الطريق بأكمله، مُخفقة في ذلك جميع محاولاتي للجوء لشبرٍ واحدٍ تحت ظلال شجرة، أو أي جدار على جانب الطريق يَربِت على كتفي قائلاً: “هانت وقربتي توصلي”، مُمنية نفسي، وإن كنت في الواقع موهومة أن منزلي قد قرُب بالفعل، وأني سوف أستريح من جمرات هذا العذاب. في ظل هذه الرحلة الملتهبة سلكتُ ممر عمارة سكنية، إذا بسيدة غريبة يتسم وجهها بالبساطة والطيبة، في العقد الخامس من عمرها، تفتح باب منزلها، نظرت إليَّ في بشاشة داعية إياي بكل عفوية وترحاب. – اتفضلي يا بنتي. يالوقع هذه الحروف على عقلي وقلبي وكياني بأكمله، تهادت على مسامعي كنسمة باردة في يوم شديد الحرارة، تلك الحروف البسيطة كان لها تأثير السحر الذي أنساني عناء الطريق، وحرور سفارة جهنم التي أعبر عليها للوصول لمنزلي. تلك الحروف التي خرجت من ثغرها مرصعة بأحجار كريمة، تطرب الأذن، تبهج الوجدان، أحسست أنها صنعت يومي، صنعت بهجتي، رسمت الابتسامة على وجهي، ملأت كل أركاني بالشحنات الإيجابية طيلة اليوم، حولت يومي إلى يوم سعيد. 

زر الذهاب إلى الأعلى