مقالات

عاطف عبد الوهاب يكتب : عوامل الفقر والغني

كل منا لديه في عقله ملفا للاغتناء يحتوي على المعتقدات الشخصية المتعلقة بالاغتناء. وهذا الملف يتضمن أيضا مدى الروعة أن نكون أغنياء، لكن بالنسبة للكثيرين يحتوي أيضا على الأسباب التي قد تجعل الثراء شيئا غير رائع. فعقلهم يصطدم برسائل متصارعة فيما يتعلق بالثراء. إنهم لا يعرفون ماذا يريدون بالفعل. لدى الفقراء عموما العديد من الأسباب ليؤمنوا بأن كونهم أغنياء قد يسبب لهم العديد من المشاكل في حين أن الأغنياء يعلمون جيدا بأنهم يريدون الثراء.
الأغنياء يرون الأشياء في عظمتها. الفقراء يرونها في صغرها.
أغلب الناس يختارون العيش صغارا. من جهة لأنهم يخافون من الفشل ويخافون أكثر من النجاح. لكن أيضا لأنهم يحسون بالضآلة. يحسون بأنهم لا يستحقون وليس لديهم الانطباع بأنهم مهمون بشكل كاف يؤهلهم للعب دور هام في حياة الناس. والحال أن العالم ليس بحاجة لأناس تافهين. العالم بحاجة إلى مواهب طبيعية خلاقة لكل شخص. علينا أن نتقاسم قيمتنا مع أكبر نسبة ممكنة من الناس وهو ما يعني كوننا مستعدون للعب دور كبير. التفكير بطريقة تافهة والتصرف كذلك يؤدي إلى الفاقة وعدم الرضا. التفكير بطريقة عظيمة والتصرف كذلك يؤدي إلى الثراء على المستوى العقلي والعاطفي والروحي وبالتأكيد المالي.
الأغنياء يركزون على الفرص. الفقراء يركزون على العراقيل.
الأغنياء يرون الفرص. الفقراء يرون العراقيل. الأغنياء يركزون على المكافأة. الفقراء يركزون على الأخطار. الفقراء يبنون اختياراتهم على الخوف. لا يتوقفون عن تفحص الوضعيات من زوايا ما هو مريب فيها أو ما قد يصير كذلك. أول ردة فعلهم أن يقولوا “ماذا لو لم يحصل ذلك؟”
أو في الغالب “لا، ذلك غير ممكن.” الأغنياء يتصرفون بردة الفعل التالية : “سوف أنجح لأنني سأعمل على أن أنجح.” إنهم ينتظرون النجاح. يثقون بمؤهلاتهم، بقدرتهم على الخلق والإبداع، ويؤمون بأنه حتى وإن لم ينجحوا فسيجدون طريقة أخرى للنجاح.
الأغنياء يستحسنون الأغنياء الآخرين والذين ينجحون. الفقراء يحقدون على الأغنياء والناجحين.
غالبا ما يحس الفقراء بالحنق والغيرة والحسد تجاه نجاح الآخرين. إنهم يتصرفون كما لو أن الأغنياء هو الذين يفقرونهم. والحال أنك إذا نظرت إلى الأغنياء كأناس سيئين وأنك أنت تتمنى أن تكون شخصا طيبا فلا يمكنك أن تكون غنيا أبدا. إذ كيف لك أن تكون الشخص الذي تمقته؟ عوض أن نحقد على الأغنياء من الأفضل أن نتدرب على استحسانهم والرضا عنهم وحبهم. بهذه الطريق يسجل عقلك، بشكل لا شعوري، أنك حين تصبح غنيا، سيستحسنك الآخرون ويرضون عنك ويحبونك، عوض أن يمقتونك حد الموت كما هو حالك الآن ربما.
يتشارك الأغنياء الأشخاص الناجحين والإيجابيين فيما يشارك الفقراء الأشخاص السلبيين الفاشلين.
الأشخاص الناجحون يلاحظون أشخاصا ناجحين آخرين من أجل اعتبارهم كنماذج وأخذ العبر منهم. فهم يقولون بأن الوسيلة الأسرع للاغتناء تتجلى بالضبط في اكتشاف كيف يتصرف الأغنياء في ميدان المال. هدفهم هو محاكاة استراتيجيتهم. خلافا للأغنياء، حينما يسمع الفقراء عن نجاح الآخرين فإنهم لا يترددون في إصدار الأحكام عليهم وانتقادهم والاستهزاء بهم ومحاولة إنزالهم إلى مستواهم. كيف لهم أن يقتدون بمن يحتقرونهم. عوض احتقاركم للأغنياء، قلدوهم. بدلا من هروبكم من الأغنياء لأنهم يخجلونكم تعلموا كيف تعرفونهم. فإن وصلوا هم فبإمكانكم أيضا الوصول.
الأغنياء مستعدون للارتقاء هم وقيمهم. الفقراء ينظرون إلى الارتقاء نظرة سيئة.
الانزعاج من البيع أو الترقي يشكل أحد أكبر العراقيل للنجاح، ذلك أن السوق يتوفر على مواد وخدمات لا تحصى، ولا يكفى أن تكون الأفضل. لنفترض أنك تعرف دواء جد فعال لمرض ما، فهل ستخفي هذا الدواء إذا لقيت شخصا يعاني من هذا الداء ؟ هل ستنتظر أن يقرأ الآخر أفكارك ويستشف أنك تملك العلاج لمعاناته ؟ إن كنت تثق بقيمتك وبقيمة ما تقدمه فلماذا لا تكشف هذا للناس الذين هم في حاجة لذلك ؟ إذا كان ما ستقدمه قد يقدم فعليا خدمة للناس، فإنه من الواجب عليك أن تُعَرِّف أكثر عدد ممكن من الناس. بهذه الطريقة ستقدم خدمة إلى الناس، ولكن أيضا هكذا قد تصبح غنيا.
الأغنياء أكبر من مشاكلهم. الفقراء أصغر من مشاكلهم.
الطريق الذي يؤدي إلى الثراء مليء بالعراقيل والكمائن والمنعرجات، لهذا السبب يبتعد عنه العديد من الناس. إنهم لا يريدون مشاكل. يفرون هاربين عند ظهور أول تحد. لكن بمحاولتهم تجنب المشاكل بكل الوسائل فإنه يجدون أنفسهم يواجهون أكبر مشكل على الإطلاق : خاليي الوفاض ومعوزين. السر في الخروج من هذه المشكلة يكمن ليس في محاولة تجنب أو الهروب من المشاكل بل النمو لتصبح أكبر منها. الأمر يتعلق بك أن تصبح إنسانا عظيما وأن لا تسمح لأي مشكل أو عقبة أن تحرمك من السعادة والنجاح.
الأغنياء يعرفون جيدا كيف يأخذون. الفقراء لا يعرفون ذلك.
أغلب الناس لا يعرفون كيف يأخذون. وبما أنهم لا يعرفون فإنهم لا يأخذون. ما المعمول إذن ؟ أولا، عليك أن تبدأ بالإحسان لنفسك. امنح نفسك قدرا معينا من المال وأنفقه في أشياء تمنحك السرور. بهذه الطريقة ترفع من تقدير ذاتك وتدرب نفسك على الأخذ. بعد ذلك، تمرن على أن تفيض حماسا وامتنانا كلما تلقيت أو وجدت مالا مهما كانت قيمته. عندما تزيد من قدرتك على التلقي آنذاك ستتلقى. أكثر من ذلك، حينما تكون منفتحا للتلقي فإن حياتك كلها ستنفتح. ليس فقط ستتلقى مزيدا من المال، بل أيضا ستتلقى حبا أكبر، سلاما أكثر سعادة أكثر ورضا أكثر. أجل إن الطريقة التي نعمل بها شيئا ما هي نفسها التي نعمل بها كل شيء.
الأغنياء يختارون أن يكافأون حسب نتائجهم. الفقراء يختارون المكافئة حسب وقتهم.
يفضل الفقراء أنو يكافأوا براتب شهري أو حسب عدد ساعات العمل. فهم في حاجة إلى “الأمان” الذي يمنحهم كونهم سيتلقون نفس الراتب في نفس الوقت طوال السنة. وما لا يعرفونه هو أن هذا “الأمان” له ثمن. ثمنه عدم الاغتناء. فمعنى استبدال الوقت بالمال هو قبول تحديد المدخول بما أن الوقت نفسه محدود. أن تحيى بشكل تكون فيه في أمان معناه أن تعيش في الخوف. أن تقول “إنني أخاف أن لا أربح ما يكفي بمردودي”. يفضل الأغنياء أن يكافئوا حسب النتائج التي يحصلون عليها، إن لم يكن كلية فعلى الأقل بشكل جزئي. يحصلون على دخلهم انطلاقا من مكاسبهم. يثقون بأنفسهم، في قيمتهم وفي قدراتهم على الحصول على نتائج.
الأغنياء يفكرون حسب “الإثنين”. الفقراء يفكرون حسب “الواحد أو الآخر.
يركز الفقراء على الحدود. إنهم يضنون أنه ليس هناك ما يكفي ولا يمكن أن نحصل على كل شيء ويجب الاختيار. يضنون أنه لا يمكن الحصول على المال ومناح الحياة الأخرى، لا يمكن الحصول على المال والسعادة. ولهذا يجب الاختيار “أو” في حين يركز الأغنياء على الثراء. يفكرون بعبارة “و”. إنهم مقتنعين بوجود وسيلة للحصول على المال والسعادة، بنفس الطريقة التي يمكن أن يكون لدينا يدين ورجلين.
يركز الأغنياء على القيمة الصافية. الفقراء يركزن على الفوائد المربوحة.
يركز الفقراء أساسا على المردود الذي يربحونه. في حين أن الأغنياء يدركون أن الثراء يوزن بالقيمة الصافية وليس الفوائد المجنية. لكي تعرف قيمتك الصافية، قم بحساب قيم كل ما تملك واخصم منها الديون. من أجل الرفع من القيمة الصافية، ركز على العناصر الأربع التي تتكون منها : المردود والتوفير وأرباح الاستثمار وتبسيط طريقة العيش من أجل تخفيض النفقات.
الأغنياء يديرون أموالهم بشكل جيد. الفقراء يديرونها بشكل سيء.

زر الذهاب إلى الأعلى