اخباردليل القراء للاستشارات *التنمية البشرية*عاجلمقالات

وليد موسى يكتب: هي أمتُنا فى الماضى والحاضر والمستقبل

وجوهٌ ناضره وقلوبٌ متألفه وهممٌ عاليه ، شبابٌ يملأهم العزمُ والأمل وشيوخٌ يقفوا من خلفهم ليعينوهم ويوجهوهم ويشاركوهم أمالهم وآلامهم يعملون معاً بلا كللٍ ولا ملل، واجهوا التحديات والمحن والشدائد بصبرٍ وثبات فاستحقوا أن يُخَلّد ذكرُهم فى العالمين.

 وعلي جانبٍ آخر : أحلامٌ تذروها الرياح وأماّل تخبوا يوماً بعد يوم ، شباب يكسو وجوههم الألمُ يتسخطون على ما حولهم كأنما وجِدوا فى الحياة ليوزعوا اليأس والأحباط ، وكُهولٌ يودعوا الدنيا باكين صارخين كما استهلوها بلا زاد يبلغهم ولا أثرٍ من خلفهم يُبقى ذكرَهم فى العالمين.

 بين المشهدين مئات القرون تطاول فيها الزمانُ على الناس وقست القلوب وهانت عليهم أنفسهم فكانوا على الله أهون، هذا هو حال مجتمعاتنا بين الأمس و اليوم بين القوة والضعف بين العز والذل بين السيادة والتبعيه.

هي أمتُنا فى الماضى والحاضر والمستقبل ، كان الماضى فى غالبه مضىء ، والحاضر كما نحياه ملىء بالمأسي، والمستقبل نسير إليه مجبرين نود لو كنّا نسير إلى ذلك الماضي البعيد لنشعر بقيمة الإنسان ونحيا فى ظلال أمة ذات قوة ومَنَعَه تعرف لماذا هى على قيد الحياة، تعرف أن نصرها مشروط بالطاعه مقرونٌ بالصبر وعزُها منبعه الإسلام والتفاضل بين الناس فيها بالتقوى والعمل الصالح، أمةٌ يوم يصيبها فاقةٌ وضيق يربط الحكّام والأمراءُ الحجرَ على بطونهم بإرادتهم لعِلمهم أن الرعية كذلك يفعلون مضطرين، ويحرّموا على أنفسهم من متع الحياة ما لا يقدر على تحصيله عوام الناس وفقرائهم.

ما مضى فات وليس لنا إليه سبيل لكن الحاضر لازلنا نحياه وعلينا أن نجتهد فيه لنصلح ما أفسدته أيدينا وأيدي أعدائنا لنصنع من مستقبلنا القريب نموذجاً مشرفاً على غرار ماضينا المضئ. الواقع الذي نحياه صعبٌ لا أحدَ يُنكر هذا وأصعب ما فيه هو حالة اليأس وحالة الإحباط التي ترتسم على الوجوه، لكن دعونا نستلهم من التاريخ نموذجاً :

بعد انقضاء ملك بني أميه فى عام 132 هجرياً طارد العباسيون أمراءَ بني أميه وتتبعوهم وقتلوههم ففر أميرٌ منهم يدعى “عبد الرحمن بن معاويه” وظل ينتقل من مكان إلى أخر طيلة 6 سنوات حتى نجح فى الفرار إلى الأندلس و هناك نجح فى تأسيس إمارة صغيرة ما لبثت إلا قليلاً حتي صارت بعد ذلك دولة حازت مُلكاً عظيماً إستمر من بعده أكثر من ثلاثة قرون إنه (عبد الرحمن الداخل) المُلقّب ب(صقر قريش) والغريب أن من أطلق عليه هذا اللقب هو الخليفه العباسي أبو جعفر المنصور الذى حاول قتله أكثر من مره ، وكما قالوا : الفضلُ ما شهدت به الاعداء.

كلُ إنسان على نفسه بصيراَ والتغيير يبدأ من داخل الفرد ونحن مستخلفون فى أرض الله لنعمرها، لينظر كلاً منّا فى ما مضى من عمره هل فيه ما يستحق أن يذكر به بعد موته ولينظر فى عمله هل فيه ما يُرجى أن يُرحم به، وليسأل نفسَه عن شبابه ووقته وماله وعلمه قبل أن يُسأل عنهم، إن التغيير الذى يبدأ من داخل الفرد بإرادته هو الذي يبقى ويستمر وهو الذى نحتاجه اليوم لمواجهة الإحباط والملل وكثرة المشكلات التى تضرب حياة الأفراد والمجتمعات فى هذه الايام نحتاج للتغيير لنضع أمتنا على بداية طريق تستعيد به مكانتها وتحقق شروط خيريتها وتعود كما كانت خيرُ أمة أخرجت للناس.

زر الذهاب إلى الأعلى