اخباراخبار عربية و عالميةسياسهعاجلغير مصنفمقالات

وليد موسى يكتب / دعوات الإصلاح بين الدعوة والداعى والمدعوين

منذ بدء الخليقه وإلى أن تقوم الساعة كان قدر المصلحون فى هذه الحياة أن يواجهوا التحديات وتقابل دعواهم بالصدود والنكران وتقابل اخلاقهم الساميه ودعواتهم الراقيه بأشد أنواع التشويه والسخريه والافتراءات وعادة هؤلاء المصلحون ألا ينشغلوا بالرد على كل ناعق وناهق بل يدخرون جهدهم لما هو أجدى نفعاً وأكبر أثراً فربما تفنى أجسادهم لإجل دعواتهم قبل أن يدركوا غايتهم وربما حين تثمر تلك الدعوات لا يجنون ثمارها فى هذه الحياة الدنيا لكنهم يعلمون أن للمعادله طرف أخر وللصوره وجه أخر ونهاية القصه ليست هنا.

ويبقى فى أوائل المصلحين الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ولنا فيهم قدوه ومثلا فإبراهيم عليه السلام أُلقى فى النار ونوح عليه السلام سخروا منه وقاوموا دعوته الف سنه إلا قليل. ولم يسلم صاحب دعوه من مقاومة أهل السطوه واصحاب السلطة للإصلاح ولنا فى التاريخ عبرة ألم ترى أن كفار قريش قاوموا دعوة الإسلام ثلاث عشرة سنه وفى ليلة الهجرة وقفوا على باب دار النبي محمد صلى الله عليه وسلم يريدون سفك دمه غير أن أغرب ما يثير الانتباه أنهم ظلوا يستأمنوه على اموالهم حتى تلك الليله رغم إيذائهم له ومعادتهم له وذلك يدل على شيئين أحدهما او كلاهما إما أن من عادى الدعوة الاسلاميه كانوا أهل السلطه واصحاب النفوذ بعيداً عن العوام الذين لم يكونوا يناصبوا الإسلام وأهله عداءاَ أو أن رفض الدعوه لا يعنى رفض الداعى إذ كان يرضيهم أن يكون محمد ملك عليهم ويأبوا أن يكون عبد الله ورسوله إليهم.

وإذا كانت دعوات الانبياء والمرسلين مؤيده من السماء قبل أن تحظى بتأييد أهل القلوب الصادقه والعقول النيره فهى كذلك مؤيده بمنهج رشيد وإطار واضح وأهداف محدده ومعلنه لذلك فإن المصلحين من غير أصحاب الرسالات السماويه لابد أن تكون دعواتهم واضحة الاهداف ويحكمها إطار من الاخلاق القويمه فإن إيذاء أهل قريش لم يغير قيم وخلق الرسول صلى الله عليه وسلم فظل عندهم الصادق الامين  وان ناصبوه العداء كذلك لابد أن تبني الدعوات الاصلاحيه قواعد قويه فى صفوف  ونفوس من يحمل هذه الدعوات إلى الناس فإن الإيمان بسموا الدعوه ورفعة غايتها يجعل منهم أساس متين يتحمل كل محاولات الهدم ويبقى حائط صد منيع يحمى دعوات الإصلاح فى مهدها ويعمل على رعايتها حتى يشتد عودها ويقوى جزعها وتكون قادرة على تحمل الضربات بصبر وثبات.

هذا شأن الدعوة والداعي أما المجتمعات التى تستقبل هذه الدعوات فإنها عادة تقاوم دعوات الاصلاح أياً كان مصدرها ربما تكون هذه المقاومه نتاج الخوف من التغيير أو من باب الركون إلى  الراحه والدعه وربما تكون تلك المقاومه الضاريه ناتجه عن جهل بحقائق الامور أو ثقة فى أصحاب السلطه واهل الرأى.

غير أن تزييف الحقائق وتأويل الاحداث والتلاعب بالمشاعر وتصوير مقاومة التغييرأنها صراع من أجل البقاء وتشويه الدعوات الاصلاحيه والداعين اليها من قبل اصحاب المصالح والمراكز والنفوذ لا يعفى المجتمعات بحال من الاحوال من تحمل نتائج تقبلهم للفساد والإفساد بلا مقاومة أو محاسبه او حتى رفض فى طيات نفوسهم.

لذلك فى كل مجتمع تتأخر فيه عملية الاصلاح والتغيير أو لا تنجح فيه بعض الدعوات الاصلاحيه على أصحاب هذا التيار الداعى للتغيير أن يدرسوا جوانب القصور فى دعواتهم ويرمموا اركانها ويبنوا حوائط صد قويه تقاوم محاولات قتل الاصلاح فى مهده وكذلك عليهم أن يتقبلوا ضريبة دعوتهم وليعلموا أن كل دعوة صادقه ستثمر ولو بعد حين.

زر الذهاب إلى الأعلى